للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيام التشريق الثلاثة أيام أكل وشُرْب، ففيها ذبح للهَدْي والأضاحي.

القول الآخَر: أن أيام النحر ثلاثة أيام: يوم النحر ويومان بعده، فينتهي وقت النحر بغروب شمس ثاني أيام التشريق. وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة (١).

واستدلوا بأن الأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده، ويدل على ذلك أن قوله تعالى: ﴿فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: ٢٨] جَمْعُ قلة، لكن المُتيقَّن منه الثلاثة، وما بَعْد الثلاثة غَيْر مُتيقَّن فلا يُعْمَل به (٢).

ونوقش بما قاله ابن القيم: «وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ تَخْتَصُّ بِكَوْنِهَا أَيَّامَ مِنًى وَأَيَّامَ الرَّمْيِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَيَحْرُمُ صِيَامُهَا، فَهِيَ إِخْوَةٌ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ، فَكَيْفَ تَفْتَرِقُ فِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إِجْمَاعٍ؟!» (٣).

وفي «الصحيحين»: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ، فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» (٤).

وَجْه الدلالة ما ذَكَره الباجي بقوله: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَبَاحَ الْأَكْلَ مِنْهَا فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ، فَلَوْ كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْهَا، لَكَانَ قَدْ حَرُمَ عَلَى مَنْ ذَبَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ (٥).

ونوقش بأن هذا الحديث منسوخ، وفيه حث على الصدقة عند قلة لحوم الأضاحي، وعدم التأخر في الذبح إلى آخِر أيام التشريق، وعدم الادخار.

الراجح: أن أيام النحر أربعة، وهي يوم النحر وثلاثة أيام بعده، ويَجوز الذبح ليالي أيام التشريق كالنهار، والله أعلم.


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٦٥)، و «المُدوَّنة» (١/ ٥٥٠)، و «التمهيد» (٢٣/ ١٩٦)، و «المغني» (٩/ ٣٥٨).
(٢) «تفسير القرطبي» (١٢/ ٤٣).
(٣) «زاد المعاد» (٢/ ٢٩١). قال الشافعي: «فَلَمَّا لَمْ يَحْظُرْ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُضَحُّوا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، لَمْ نَجِدِ الْيَوْمَ الثَّالِثَ مُفَارِقًا لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَرْمِي فِيهِمَا». «الأم» (٣/ ٥٨٩).
(٤) البخاري (٥٥٦٩) ومسلم (٢٠٢٩).
(٥) «المُنتقَى» (٣/ ٩٩)، و «المغني» (٥/ ٣٠٠).

<<  <   >  >>