للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنوات التي تزايد فيها عدد الحُجاج، إلى حد يوقع في الحرج، بل تَزهق فيه الأرواح، فبناء الأدوار العليا يُسَهِّل أداء نسك الرمي مع الراحة وسلامة النفوس.

وأما المعقول، فاستدلوا بأن الهواء تابع للقرار، فمَن رمى من أعلى الطابق الذي بُني على الوادي، فهو في حُكم مَنْ رمى من بطن الوادي؛ لأن الهواء تابع للقرار.

وأما ما رُوي عن ابن عمر من أنه رمى الجمرات من بطن الوادي، فقيل له: إن ناسًا يرمونها من فوقها! فقال: «مِنْ هاهنا، والذي لا إله إلا هو، رأيتُ الذي أُنْزِلَتْ عليه سورة البقرة رماها» فإنه حَثٌّ على الفضيلة في الرمي من جهة بطن الوادي عند السَّعة.

الشرط السادس: ترتيب الجمرات في رمي أيام التشريق:

يُشترَط أن يَرمي الجمار الثلاث على الترتيب: يَرمي أولًا الجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخَيْف من جهة مِنًى، ثم الوسطى، ثم يرمي الكبرى (جمرة العقبة).

دل على هذا الشرط أن النبي رمى الجمرات مُرَتَّبة، ولو كان يَجوز الرمي غير مرتب لفَعَله ، ولو مرة لبيان الجواز. وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا بالقياس على السعي، فمَن بدأ بالمروة قبل الصفا، فإن هذا الشوط لا يجزئه.

وذهب الحنفية إلى أن ترتيب رمي الجمار سُنة (٢).

واستدلوا بأن النبي لما سُئل فيمن قَدَّم نُسكًا على نُسك، كان يقول: «لا حرج».

ونوقش بأن الحديث فيمن قَدَّم نُسكًا على نسك، لا فيمن قَدَّم بعض نسك على بعض.

الشرط السابع: الموالاة بين الرميات السبع للجمرة الواحدة:

لأن الرسول والى في رمي الحصيات في الجمرة الواحدة. وهو قول عند الحنفية، والمالكية والشافعية، والمشهور عند الحنابلة (٣).


(١) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٦)، و «الإيضاح» (ص: ٣٦٦)، و «المغني» (٥/ ٣٢٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٩)، و «فتح القدير» (٢/ ٤٩٧).
(٣) «ابن عابدين» (٢/ ٥١٤)، و «مختصر خليل» (٢/ ٣٣٤)، و «المجموع» (٨/ ٢٤٠)، و «الفروع» (٦/ ٥٣).

<<  <   >  >>