للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الرابع: حُكْم لُبس المُحْرِم الإزار المَخيط:

ذهب جماهير العلماء إلى عدم جواز لبس الإزار المَخيط؛ لأنه يحيط بالبدن بخياطة، فهو لباس مصنوع على قدر البدن، كالسراويل (١).

وذهب الشيخ ابن عثيمين إلى أن الإحرام بالإزار المَخيط جائز، ولا يوجب الفدية (٢).

واستَدل بظاهر قول النبي : «مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا، فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ».

وَجْه الدلالة: أن النبي أطلق لفظ الإزار، ولم يقل: (إزارًا لم يُخَط أو ليس فيه خياطة) فدل على أن المَخيط داخل في عموم النص، ومَن أخرجه فعليه الدليل.

واعتُرض على هذا الاستدلال بأن الإزار في اللغة والشرع غير مَخيط، وأما الإزار المَخيط فيُسمَّى نُقْبَة، وعلى هذا فالإزار المَخيط لا يَدخل في مُسمَّى الإزار، وقد بَوَّب البخاري: بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ» (٣). فهذا يدل على أن الإزار غير مَخيط؛ لأن الإزار المَخيط لا يُعْقَد على العاتق.

واستَدل بأن كلمة (مَخيط) لم تَرِد في السُّنة، بينما الذي ورد: «لا يَلبس المُحْرِم … ».

ونوقش بأن الفقهاء يقولون: (يَحرم على المُحْرِم المَخيط) بِناء على الغالب؛ ولذا فقد اتفقوا على أن ما وُضِع على قدر البدن أو جزء منه بدون خياطة- داخل في التحريم، سواء كان ذلك بنسج أو بلصق أو غير ذلك.

المطلب الخامس: حُكْم لبس قطعة ثالثة مع الإحرام تَستر العورة:

لا يجوز للمُحْرِم لبس قطعة ثالثة على الفرج لتَستر العورة؛ لأمرين:

الأول: أنها تحيط بالبدن بكبسات معدنية، فتَدخل في معنى المنصوص، كالسروال.


(١) «البحر الرائق» (٣/ ١١)، و «الاستذكار» (١/ ٣٤)، و «المجموع» (٧/ ٢٣٦)، و «المغني» (٥/ ١١).
(٢) «فتاوى ابن عثيمين» (٢٢/ ١٣٤).
(٣) «صحيح البخاري» (١/ ٨٠). وقال أَبو عُبَيْد: والنُّقْبةُ أَنْ تُؤْخذَ القِطْعَةُ مِنَ الثَّوْبِ قَدْرَ السَّرَاوِيلِ، فتُجْعَلَ لَهَا حُجْزةٌ مَخِيطَةٌ مِنْ غَيْرِ نَيْفَقٍ، وَتُشَدُّ كَمَا تُشَدُّ حُجْزةُ السَّرَاوِيلِ، فَإِذَا كَانَ لَهَا نَيْفَقٌ وَسَاقَانِ فَهِيَ سَرَاوِيلُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَيْفَقٌ وَلَا سَاقَانِ وَلَا حُجْزَةٌ، فَهُوَ النِّطاقُ. «لسان العرب» (٦/ ٤٥١٣).

<<  <   >  >>