للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُخيَّر بين الذبح والنحر في البقر؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧] وعن جابر قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ البَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» (١).

وأما الإجماع، فنُقل الإجماع على النحر في الإبل، والذبح في الغنم (٢).

[المبحث السابع: استحباب الأكل من الأضحية، والتصدق منها]

دل على استحباب ذلك عموم قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨] وعموم قول النبي : «فَكُلُوا وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا» (٣).

فهذان دليلان على أنه يُستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته، وأن يَتصدق منها على الفقراء والمحتاجين، وأن يُطْعِم منها الأقارب والجيران.

المبحث الثامن: هل يُستحب للمضحي أن يُقَسِّم الأضحية إلى ثلاثة أقسام؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يُستحب للمضحي أن يُقَسِّم الأضحية إلى ثلاثة أقسام: قِسم يتصدق به على الفقراء والمحتاجين، وقِسم يُطْعِم به الأقارب والجيران، وقِسم يأكل منه هو وأهل بيته (٤).

واستدلوا بما ورد: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي صِفَةِ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ قَالَ: يُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَّالِ بِالثُّلُثِ (٥).


(١) رواه مسلم (١٣١٨).
(٢) وقد نَقَل الإجماع على ذلك: ابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ١٤٧)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠٧)، والنووي في «شرح مسلم» (١٣/ ١٢٤)، وابن قُدامة في «المغني» (١٣/ ٣٠٤).
قال القرطبي: وَشَذَّ عَطَاءٌ فَخَالَفَ، وَاسْتَحَبَّ نَحْرَهَا بَارِكَةً. وَالصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها﴾ مَعْنَاهُ: سَقَطَتْ بَعْدَ نَحْرِهَا. «تفسير القرطبي» (١٢/ ٦٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٠٢٥، ٢٠٢٦).
(٤) قال القرطبي: «ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ، وَيُطْعِمَ الثُّلُثَ، وَيَأْكُلَ هُوَ وَأَهْلُهُ الثُّلُثَ» «تفسيره» (١٢/ ٤٧). وقال الكاساني: «وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ، وَيَتَّخِذَ الثُّلُثَ ضِيَافَةً لِأَقَارِبِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ. «بدائع الصنائع» (٥/ ٨١). وقال ابن حجر: وَعَنِ الشَّافِعِيِّ: يُسْتَحبُّ قِسْمَتُهَا أَثْلَاثًا؛ لِقَوْلِهِ: «كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَأَطْعِمُوا» «فتح الباري» (١٠/ ٢٧). وقال النووي: وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَنْ يَأْكُلَ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ، وَيُهْدِي الثُّلُثَ. «شرح النووي» (١٣/ ١٣١).
(٥) لم أقف له على سند، وذَكَره ابن قُدامة في «المغني» (١٣/ ٣٨٠).

<<  <   >  >>