للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بحديث جابر ، وفيه: «حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة».

وإذا تَرَك التكبير، فليس عليه شيء بالإجماع (١).

السُّنة السابعة: أن يَرمي الجمرة الصغرى،

جاعلًا مِنًى عن يساره، ومكة عن يمينه. والوسطى والكبرى جاعلًا مِنًى عن يمينه، ومكة عن يساره. وهو مذهب الحنفية والمالكية، والصحيح عند الشافعية (٢).

واستدلوا بما ورد في «الصحيحين»: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، جَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى بِسَبْعٍ، وَقَالَ: هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ، (٣).

فالحاصل: أنه يُستحب أن يَرمي جمرة العقبة من بطن الوادي، ويَجعل الكعبة عن يساره ومِنًى عن يمينه؛ لفِعل النبي . وإن رماها من الجوانب الأخرى، أجزأه ذلك إذا وقع الحصى في المرمى، ويَجوز رمي الجمرات من أي جهة كانت، من فوقها أو من أسفل منها، من أمامها أو من خلفها. نَقَل الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم (٤).


(١) نَقَل الإجماع على ذلك: النووي في «شرح مسلم» (٩/ ٤٢). وقال ابن حجر: وأجمعوا على أن مَنْ لم يُكبِّر، فلا شيء عليه. «فتح الباري» (٣/ ٥٨٢).
(٢) «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٣٣)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٣٤١)، و «المجموع» (٨/ ١٦٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٣٥)، و «زاد المعاد» (٢/ ٢٣٧).
(٣) البخاري (١٧٤٨)، ومسلم (٣١١٢).
هذه الرواية تدل على أن رسول الله رمى جمرة العقبة، جاعلًا البيت عن يساره ومِنًى عن يمينه.
وبهذا قال جمهور العلماء، ولكن يشكل على هذه الرواية أنه وردت رواية بخلاف ذلك، تدل على أنه رماها مُستقبِل القبلة. فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: لَمَّا أَتَى عَبْدُ اللهِ جَمْرَةَ العَقَبَةِ، اسْتَبْطَنَ الوَادِيَ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ. ولفظة (اسْتَبْطَنَ الوَادِيَ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ) منكرة مُخالِفة لِما ورد في «الصحيحين» أنه جَعَل البيت عن يساره، ولعل الوهم من المسعودي فإنه قد اختَلَط. أخرجه أحمد (٤١١٧)، والترمذي (٩١١)، وابن ماجه (٣٠٤٥) من طرق: عَنِ المَسْعُودِيِّ، عَنْ جَامِعِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِهِ.
قال ابن حجر: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَخْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ: لَمَّا أَتَى عَبْدُ اللهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، اسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ. وَهَذَا شَاذٌّ، فِي إِسْنَادِهِ الْمَسْعُودِيُّ وَقَدِ اخْتَلَطَ. «الفتح» (٣/ ٥٨٢).
(٤) قال النووي: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ رَمَاهَا جَازَ، سَوَاءٌ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ جَعَلَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا أَوْ أَسْفَلِهَا، أَوْ وَقَفَ فِي وَسَطِهَا وَرَمَاهَا. «شرح مسلم» (٩/ ٤٢). وقد نَقَل الإجماع على ذلك: ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٣٥١)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١١٨).

<<  <   >  >>