للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: «إِنَّمَا الخَيْرُ خَيْرُ الآخِرَةِ» (١).

وفي الباب: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ تَلْبِيَةُ النَّبِيِّ : «لَبَّيْكَ حَجًّا حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا» (٢).

فالحاصل: أن تلبية رسول الله : «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ». ولم أقف على حديث يصح بغير هذه الصفة.

المطلب الخامس: وقت التلبية: وفيه أربع مسائل:

المسألة الأولى: ابتداء وقت التلبية:

يُستحب أن يبتدئ المُحْرِم بالتلبية إذا ركب، وابتدأ السير من الميقات.

المسألة الثانية: متى يَقطع المُعتمِر التلبية؟

اختَلف العلماء على قولين في وقت قطع المُعتمِر التلبية:

القول الأول: يَقطع المُعتمِر التلبية ببلوغه أول حدود الحَرَم (٣).

واستدلوا بما رُوي عن ابن عمر أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ … وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ (٤).


(١) ضعيف: أخرجه ابن الجارود (٤٧٠)، وابن خُزيمة (٢٩١٢)، والحاكم (١٧٠٧) وغيرهم. وهذا الإسناد فيه ضعف؛ لحال محبوب بن الحسن، وجميل بن الحسن. قال ابن جماعة: رواه الحاكم وصححه، وليس بصحيح. «هداية السالك» (٢/ ٥١٠). وقال ابن حجر: وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، مُرْسَلًا. «التلخيص الحبير» (٢/ ٤٥٩).
فالحاصل: أن كل طرق هذا الحديث ضعيفة، مع شهود خلائق كثيرة في حجة الوداع مع رسول الله . قال ابن كثير: هذا إسناد غريب. واستَشهد على ذلك بأن السند على شرط أصحاب السُّنن، وإعراضُهم عن إخراجه دليل على إعلاله. «البداية والنهاية» (٥/ ١٦٢).
(٢) ضعيف، أُعِل بالوقف: مدار الحديث على هشام بن حسان، واختُلف عليه: فرواه النَّضْر، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أخيه يحيى، عن أنس، به. أخرجه البزار (٦٨٠٣).
ورواه حماد بن زيد، عن هشام، عن حفصة، عن يحيى، أنه حج مع أنس، موقوفًا. وقد أخرجه مُسَدَّد في «المطالب العالية» (٧/ ٦٨). وقد رَجَّح الدارقطني الوقف. «العلل» (٦/ ٣).
وله طرق أخرى كلها ضعيفة، انظر «نتائج الأفكار» (٥/ ٢٥٣)، و «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٢٤).
(٣) وهو قول ابن عمر، وعروة بن الزُّبَيْر، وهو مذهب المالكية. «الاستذكار» (١١/ ٢٠٣).
(٤) أخرجه البخاري (١٥٧٣).

<<  <   >  >>