للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بالقياس، فكما أن مَنْ تَرَك الرمي وجب عليه الدم، فمَن تَرَك حصاة تَصَدَّق بما يعادل تلك الحصاة لفقراء الحرم (١).

الشرط الرابع: أن يَرمي الجمرة بالحصيات السبع متفرقات، واحدة فواحدة:

فلو رمى السبع جملة، فهي حصاة واحدة، ويَلزمه أن يَرمي بسِتّ سواها؛ لأن النبي رمى كل جمرة بسبع حصيات مفرقات، أي: بسبع رميات. وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (٢).

الشرط الخامس: وقوع الحصى في الجمرة التي يجتمع فيها الحصى: وفيه مطلبان:

المطلب الأول: يُشترَط وقوع الحصى في الأحواض المُشاهَدة حول الشاخص.

اتَّفَق العلماء على أن من شروط الرمي أن تقع في الأحواض المُشاهَدة حول الشاخص. سواء اصطدمت بالشاخص أو لم تصطدم.

ودل على ذلك أن رسول الله رمى في هذا المكان المخصوص، وقال: «لتأخذوا مناسككم» ولله الحمد، فهذا الأمر قد سهل الآن، فإذا وقعت الحصاة في الحوض الذي هو محل اجتماع الحصى، فتجزئ (٣).

المطلب الثاني: الرمي من الأدوار العليا:

يَجوز الرمي من الأدوار العليا، واستُدل لذلك بالسُّنة والمأثور والمعقول:

أما السُّنة، فرَوَى مسلم عن جابر قال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ».

فالرسول رمى الجمرات راكبًا، والرمي من الدور الثاني مُشابِه لرمي الراكب.

وأما المأثور، فَعَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ فَوْقِهَا (٤).

وَجْه الدلالة: أن عمر رمى جمرة العقبة من فوقها خَشية الزحام، ولم يُنكِر عليه أحد من الصحابة ، فهذا دليل على جواز رمي الجمرات من فوق الطابق.

واستُدل بأن سماحة الشريعة تقتضي جواز الرمي من الأدوار العليا، خاصة في هذه


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٩)، و «شرح المُحَلَّى» (٢/ ١٢٤)، و «المغني» (٥/ ٢٣٠).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٥٠)، و «المجموع» (٨/ ١٧٦)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٠١).
(٣) قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه إذا رَمَى على أي حال كان الرمي، إذا أصاب مكانَ الرمي، أجزأه. «الإجماع» (ص: ٧١). وكذا نَقَل الإجماع ابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١١٨).
(٤) ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٥٨٨) وفي إسناده حَجَّاج بن أرطأة، وفيه ضَعْف.

<<  <   >  >>