للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان وقت تطوع، فإن كان في الميقات مسجد استُحب أن يصليهما فيه؛ لِما رَوَى البخاري: عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَفْعَلُ (١).

السُّنة السادسة: أن يبتدئ بالإحرام والتلبية إذا ركب السيارة أو غيرها، وابتدأ المسير من الميقات:

اختَلف أهل العلم على قولين في تحديد الموضع الذي يبتدئ بالإحرام منه:

القول الأول: يُستحب أن يبتدئ بالإحرام أو بالإهلال (لبيك حجًّا) والتلبية (لبيك اللهم لبيك) إذا رَكِب الدابة أو السيارة أو غيرهما، في ابتداء سيره من الميقات.

وهو مذهب المالكية، والشافعية في الصحيح عنهم، ورواية عند الحنابلة (٢).

فعن أنس قال: «صَلَّى النَّبِيُّ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ» (٣).


(١) البخاري (١٥٥٤).
(٢) «حاشية العدوي» (١/ ٥٢٢)، و «الحاوي» (٤/ ٨١)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٢٠).
(٣) هذا الحديث رُوي عن أنس من طرق، وقد اختُلف فيه ألوانًا:
الطريق الأول: أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس، واختُلف في متنه على ثلاثة ألفاظ:
اللفظ الأول: رواه حماد بن زيد عند البخاري (١٥٤٨)، ومسلم (٦٩٠)، وابن عُيينة عند أحمد (١٢٠٨٣)، ومَعْمَر بن راشد عند عبد الرزاق (٤٣١٥) ثلاثتهم عن أيوب بلفظ: «صَلَّى النَّبِيُّ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ».
اللفظ الثاني: رواه عبد الوهاب الثقفي عند البخاري (١٥٤٧) وزاد فيه: قَالَ: وَأَحْسِبُهُ - بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ. وإسماعيل بن عُلَيَّة عند البخاري (١٧١٥) ومسلم (٦٩٠)، وزاد فيه عند البخاري: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ : «ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ البَيْدَاءَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ».
اللفظ الثالث: رواه وُهَيْب بن خالد مطولًا عند البخاري (١٥٥١)، ومسلم (٦٩٠). وزاد فيه: «ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ، فَحَلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالحَجِّ. قَالَ: وَنَحَرَ النَّبِيُّ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ. قلتُ (محمد): لم يُصَرِّح أيوب باسم شيخه. =

<<  <   >  >>