للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يُحتاج إلى النية في ركوع ولا غَيْره. ولأنه لو وَقَف بعرفة ناسيًا، أجزأه بالإجماع (١).

المبحث الرابع: حُكْم مَنْ خرج قبل طواف الوداع:

مَنْ خرج من مكة إلى جدة قبل طواف الوداع؛ لزيارة أو لشراء، بنية العودة إلى مكة، فإنه إن رجع وطاف للوداع أجزأه.

وأما إن كان من أهل جدة، فلا يجوز له أن يَنفر ويَخرج حتى يطوف للوداع.

ومَن خرج خارج المواقيت، كزيارة للمدينة، فلا يحل له أن يَنفر حتى يكون آخِرُ عهده بالبيت الطواف (٢).

والدليل: أَنَّ عُمَرَ رَدَّ رَجُلًا مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ، لَمْ يَكُنْ وَدَّعَ الْبَيْتَ، حَتَّى وَدَّعَ (٣).

فالحاصل: أن مَنْ خرج من مكة قبل الوداع، ويمكنه الرجوع بلا مشقة، فعليه الرجوع ويطوف للوداع ولا دم عليه. ومَن خرج من مكة قبل الوداع ولم يَعُد، فيَلزمه الدم.

المبحث الخامس: حُكْم طواف الوداع للعمرة:

لا خلاف بين العلماء على أن المُعتمِر إذا طاف وسَعَى وحَلَق، ورجع إلى بلده من فوره، أنه يُجْزئه من طواف الوداع، كما فَعَلَتْ عائشة في عمرتها في حجة الوداع (٤).

واختلفوا في حُكم طواف الوداع لمن أقام بمكة أيامًا بعد عمرته على قولين:

القول الأول: يُسَن للمُعتمِر طواف الوداع إذا لم يَخرج من فوره، ولا يجب عليه.

وهو مذهب الحنفية والمالكية، وقول عند الشافعية، وقول عند الحنابلة (٥).


(١) «المجموع» (٨/ ١٧).
(٢) وبهذا قال الحنفية والمالكية، كما في «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٣)، و «المُدوَّنة» (١/ ٣١٥).
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الحاج إذا خرج من مكة قبل الوداع؛ لزيارة أو لشراء بِنِيَّة العودة إلى مكة، فلا يطوف للوداع إلا في مسافة يَقصُر فيها الصلاة. «المجموع» (٨/ ٢٥٤)، و «المغني» (٣/ ٣٤٠).
(٣) ضعيف لانقطاعه: أخرجه مالك في «الموطأ» (١٠٨١) وفيه يحيى بن سعيد، لم يُدرِك عمر.
(٤) «شرح البخاري» لابن بَطَّال (٤/ ٤٤٥)، و «فتح الباري» (٣/ ٦١٢).
(٥) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٢٧)، و «التمهيد» (١٧/ ٢٦٩)، و «المجموع» (٨/ ١٨٦)، و «الفروع» (٦/ ٧٠).

<<  <   >  >>