للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: اشتراط التحلل من الإحصار: وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: ما يَلزم المُحْصَر إذا اشتَرط:

مَنْ اشتَرط قبل حجه وعمرته، فإِنْ أُحْصِرَ تَحَلَّلَ ولم يَلزمه شيء مطلقًا. وهو مذهب الشافعية في المشهور، والحنابلة (١).

فعن عائشة قالت: دخل النبي على ضُبَاعَة بنت الزبير، فقالت: يا رسول الله، إني أريد الحج، وأنا شاكية! فقال النبي : «حُجي، واشترطي أن محلي حيث حبستَني».

وَجْه الدلالة: أنه لما أَمَرها بالاشتراط أفاد شيئين:

أحدهما: أنه إذا عاقها عائق من عدو أو مرض أو ذَهاب نفقة، فإن لها التحلل.

والثاني: أنه متى حلت بذلك، فلا دم عليها ولا صوم.

المطلب الثاني: حُكْم المُحْصَر إذا وقع في بعض محظورات الإحرام قبل التحلل:

إذا لم يتحلل المُحْصَر، ووقع في بعض المحظورات، فإنه يجب عليه من الجزاء ما يجب على المُحْرِم غير المُحْصَر. وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (٢).

المطلب الثالث: القضاء على مَنْ أُحْصِرَ:

مَنْ تَحَلَّل بالإحصار فليس عليه القضاء. وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] فالله تعالى ذَكَر الهَدْي والحَلْق، ولم يَذكر شيئًا سوى ذلك؛ فدل على أنه لا قضاء على المُحْصَر، واستدلوا بأن النبي لم يأمر الذين أَحْصِرُوا في غزوة الحُديبية بأن يَقضوا تلك العمرة التي أُحْصِرُوا عنها (٤).


(١) «المجموع» (٨/ ٣٠٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٥٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٨)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٣٠٤)، و «الحاوي» (٤/ ٣٥٦)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٢٧).
(٣) «التمهيد» (١٥/ ١٩٥)، و «المجموع» (٨/ ٣٠٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٥٢).
(٤) «مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين» (٢٣/ ٤٣٤).

<<  <   >  >>