للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يدل على أن كعبًا افتدى ببقرة، ولكن حديث ابن عمر منكر.

القسم الثاني: ما لا فدية فيه، وهو عَقْد النكاح

القسم الثالث: ما فديته مُغلَّظة، وهو الجماع، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تجب الفدية على مَنْ أفسد النسك بالجماع.

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: تجب الفدية على المُحْرِم المُجامِع قبل الوقوف بعرفة.

تجب الفدية على مَنْ أفسد النسك بالجماع قبل الوقوف بعرفة، بالإجماع (١).

واختلفوا: ممن تكون الفدية، أو نوع الهَدْي، على قولين:

القول الأول: أن مَنْ أفسد حجه بالجماع في حالة الإحرام قبل الوقوف بعرفة، وجب الهَدْي ببدنة. وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بالمأثور والمعقول:

أما المأثور، فعن عكرمة أن رجلًا قال لابن عباس: أَصَبْتُ أَهْلِي. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا حَجُّكُمَا هَذَا فَقَدْ بَطَلَ، فَحُجَّا عَامًا قَابِلًا، ثُمَّ أَهِلًّا مِنْ حَيْثُ أَهْلَلْتُمَا، حَتَّى إِذَا بَلَغْتُمَا حَيْثُ وَقَعْتَ عَلَيْهَا، فَفَارِقْهَا فَلَا تَرَاكَ وَلَا تَرَاهَا حَتَّى تَرْمِيَا الجَمْرَةَ، وَأَهْدِ نَاقَةً وَلْتُهْدِي نَاقَةً (٣).

وأما المعقول، فَلِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا تَامًّا، فَأَوْجَبَ الْبَدَنَةَ، كَمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ. وَلِأَنَّ مَا يُفْسِدُ الْحَجَّ الْجِنَايَةُ بِهِ أَعْظَمُ، فَكَفَّارَتُهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَغْلَظَ (٤).

القول الآخَر: أن مَنْ جامع زوجته، وهما مُهِلان بالحج قبل أن يقفا بعرفة، وجب


(١) قال ابن المنذر: أجمعوا على أن مَنْ جَامَع عامدًا في حجه، قبل وقوفه بعرفة، أن عليه حجًّا قابلًا والهَدْي. «الإجماع» (ص: ٥٢). وقال النووي: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي الْإِحْرَامِ، وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَالْقَضَاءُ، إِذَا كَانَ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ. «المجموع» (٧/ ٢٩٠).
(٢) «الذخيرة» (٣/ ٣٤٠)، و «المجموع» (٧/ ٤١٦)، وقال ابن قُدامة: يَجِبُ عَلَى الْمُجَامِعِ بَدَنَةٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. «المغني» (٥/ ١٦٧).
(٣) إسناده صحيح: رواه البيهقي (٩٨٧١).
(٤) «المغني» (٥/ ٣٧٣).

<<  <   >  >>