للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: حُكْم الإحرام قبل أشهر الحج:

اختَلف العلماء فيمن مر بميقاته وأحرم في آخِر يوم من رمضان، وطاف وسَعَى في أول ليلة من شَوَّال، فأدى بعض عمرته في رمضان، والبعض الآخَر في شَوَّال، ثم أقام في مكة ثم حج من عامه، هل يصير متمتعًا أم مُفرِدًا؟

اختَلف أهل العلم في الإحرام بالحج قبل أشهره على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يصير مُفرِدًا؛ لأنه لا يَنعقد الإحرام بالحج قبل أشهره، فإِنْ أَحْرَم بالحج مُفرِدًا انعَقَد إحرامه عُمْرة. وهذا قول للمالكية ومذهب الشافعية، ورواية عن أحمد (١).

واستدلوا بالكتاب والمأثور والقياس:

أما الكتاب، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧].

وأما المأثور، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَا يُحْرَمُ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (٢).

وأما القياس، فقاسوا وقت الحج على وقت الصلاة، فكما أنها لا تجزئ قبل وقتها فكذا الحج؛ لأن الإحرام نُسُك من مناسك الحج، فكان موقتًا كالوقوف والطواف (٣).

القول الثاني: أن مَنْ مر بميقاته، وأَحْرَم بعمرة في آخِر يوم من رمضان، وطاف وسَعَى في أول ليلة من شَوَّال، ثم أقام في مكة ثم حج من عامه، صار متمتعًا؛ لأن عمرته معتبرة في الشهر الذي حل فيه، فيصح الإحرام بالحج، وينعقد قبل أشهر الحج، إذا كان التحلل في أشهر الحج. وهذا مذهب الحنفية، والمالكية في المشهور، والحنابلة (٤).

واستدلوا بالمأثور والقياس:

أما المأثور، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يُحْرَمُ بِالحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ؛ فَإِنَّ مِنْ


(١) «مواهب الجليل» (٤/ ٢٥)، و «الحاوي» (٤/ ٢٨)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠٥).
(٢) إسناده صحيح: رواه ابن أبي شيبة (١٥٢٤٤).
(٣) «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (٢/ ٩٠).
(٤) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٣١)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٢٤)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>