للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: ما يُنهَى عنه في الأضحية:

وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: حُكْم حَلْق الشَّعر وتقليم الأظفار لمَن أراد أن يضحي:

اختَلف العلماء في حكم حَلْق الشَّعر لمَن أراد أن يضحي على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يجوز. وهذا مذهب الحنفية، وقول للمالكية، والليث (١).

واستدلوا بالسُّنة والمعقول:

فعن عائشة قالت: «أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى نُحِرَ الهَدْيُ» (٢).

وَجْه الدلالة: أن النبي لم يَحْرُم عليه شيء يبعثه بهديه، والبعث بالهَدْي أكثر من إرادة التضحية، ولم يكن النبي ليَفعل ما نَهَى عنه.

وأما المعقول، فإن إرادة التضحية إذا كانت لا تَمنع من الجماع، وهو أغلظ ما يَحرم بالإحرام، كانت أحرى أن لا تَمنع مما دون ذلك (٣).

القول الثاني: يَحرم على مَنْ أراد أن يضحي أن يَحلق شعره ويُقلم أظفاره حتى يضحي. وهو مذهب الحنابلة، ووَجْه للشافعية، واختاره ابن حزم (٤).

روى مسلم: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ


(١) «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٨٢)، و «التمهيد» (١٧/ ٢٣٥ - ٢٣٧).
(٢) رواه البخاري (١٧٠٠)، ومسلم (١٣٢١).
(٣) قال ابن قُدامة: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَاللِّبَاسُ، فَلَا يُكْرَهُ لَهُ حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ. «المغني» (١٣/ ٣٦٢، ٣٦٣).
(٤) «الإنصاف» (٤/ ٧٩)، و «المغني» (١٣/ ٣٦٢، ٣٦٣)، و «المُحَلَّى» (٧/ ٣٥٥).

<<  <   >  >>