للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد يطلق المسجد الحرام، ويراد به أحد معنيين:

الأول: جميع الحَرَم، كما في قوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣] فالمراد به مِنًى، والحَرَم موضع ذبح النسك، مع أنه عَبَّر عنه بالأخص: بالكعبة، والبيت العتيق.

ولا يَعني إطلاق (المسجد الحرام) على ما حوله أنه يأخذ أحكامه من حيث لبث الجُنُب والحائض والبيع والشراء. فكذلك يقال في مضاعفة أجر الصلاة.

الثاني: قد يطلق المسجد الحرام، ويراد به الكعبة، أي: المسجد المُعَدّ للصلاة، كما في قول النبي : «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». فإن الأظهر منه أن جميع الحَرَم غير مراد، وبأن المراد بالمسجد الحرام هو مسجد الكعبة، فدل ذلك على أن الحاكم في هذا هو سياق الكلام.

الراجح: أن مضاعفة الصلاة خاصة بالمسجد الحرام، الذي فيه الكعبة؛ لعموم قول النبي : «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» فالإشارة إلى مسجد الرسول ب (هذا) تدل على أن المراد بالمضاعفة: مضاعفة المسجد المعهود بالصلاة فيه، سواء المسجد الحرام أو المسجد النبوي، ولا يتعدى ذلك إلى سائر الحَرَم، وهذا نص في المسألة.

[المطلب الثاني: ما تشمله المضاعفة من الصلوات]

اتَّفق الفقهاء على مضاعفة الفريضة في المسجد الحرام (١).

واتفقوا على مضاعفة ما تُشْرَع له الجماعة في المسجد، كصلاة العيدين وقيام رمضان.

وكذا ما شُرع فعله في المسجد، كركعتي الطواف وتحية المسجد، فإنه يُضاعَف (٢).

واختلفوا فيما عدا ذلك من النوافل، كالسُّنن الراتبة والنوافل المطلقة، هل تُضاعَف في المسجد الحرام أو لا؟ على قولين:

القول الأول: أن السُّنن الرواتب والنوافل المطلقة إذا صلاها في الحَرَم، فإنها


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٦٥٩)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٧٨)، و «الفروع» (١/ ٦٠٠).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ١٨٢)، و «هداية السالك» (٣/ ١١٤)، و «إعلام الساجد» (ص: ١٢٤).

<<  <   >  >>