للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُضاعَف. وبه قال الشافعية والحنابلة، وهو قول للحنفية والمالكية (١).

واستدلوا بما ورد في «الصحيحين»: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» (٢).

فقوله : «صلاة» نكرة، فيَعُم الفرض والنفل (٣).

القول الآخَر: أن المضاعفة في الفريضة فقط، وأن النافلة لا تُضاعَف في المسجد الحرام. وهذا هو المشهور عن الحنفية والمالكية، وهو قول للشافعية (٤).

واستدلوا بما ورد في «الصحيحين»: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا المَكْتُوبَةَ» (٥).

وَجْه الدلالة: أن النبي قال هذا عن مسجده، مع أن الصلاة فيه مُضاعَفة، فدل ذلك على أن المُضاعَفة خاصة بالفرض دون النفل، ولم يُنقَل أن النبي كان يتنفل في المسجد، ولو كانت مضاعفة الصلاة للفرض والنفل، لكان يصلي النوافل في مسجده.

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أنه لا دلالة في الحديث على عدم مضاعفة النفل، بل غاية ما فيه أن فعل النافلة في البيت أفضل. وهذا لا شك فيه.

الوجه الآخَر: أن صلاة النافلة في البيت في مكة أو المدينة أفضل من صلاتها في المسجد الحرام أو النبوي، وإن كانت تُضاعَف فيهما (٦).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من مضاعفة صلاة النافلة في الحَرَم.


(١) «شرح النووي» (٩/ ١٦٤)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ١٨٢)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٧٨).
(٢) البخاري (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤).
(٣) «شرح النووي لمسلم» (٩/ ١٦٤).
(٤) «شرح فتح القدير» (٣/ ١٨٢)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٧٨)، و «إعلام الساجد» (ص: ٢٤٦).
(٥) البخاري (٧٣١)، ومسلم (٧٨١).
(٦) «فتح الباري» (٣/ ٦٢)، و «نَيْل الأوطار» (٣/ ٩٤)، و «أحكام الحرم المكي» (١٧٠).

<<  <   >  >>