للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتُرض عليه بأن العبادة توقيفة، وقد قال النبي : «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ».

قال ابن حجر: لأن الحكمة في أصل مشروعيته كالرَّمَل إظهار الجلادة والقوة للمشركين، وبالنسبة إلينا إظهار التأسي والاتباع والجد في العبادة (١).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء، من أن الاضطباع سُنة. والله أعلم.

المطلب الثالث: مَنْ يُسَن له الاضطباع:

ذهب جماهير العلماء إلى سُنية الاضطباع في طواف القدوم وطواف العمرة.

والاضطباع يُشْرَع للرجل ولا يُشْرَع للمرأة؛ لأن في اضطباعها كشفًا لما فيه عورة منها، والمرأة مأمورة بالسَّتر (٢).

السُّنة الثالثة: الرَّمَل، وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: معنى الرَّمَل.

هو الإسراع في المشي مع تقارب الخُطى، وتحريك المنكبين (٣).

المطلب الثاني: حُكْم الرَّمَل.

نُقِل الإجماع على أن الرَّمَل سُنة للرجال في الأشواط الثلاثة الأُوَل مِنْ طواف القُدُوم.

وهذا الإجماع منخرم؛ فقد اختَلف أهل العلم في حُكْم الرَّمَل على أربعة أقوال:

القول الأول: أن الرَّمَل سُنة مُؤكَّدة. وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة (٤).

واستدلوا بما روى جابر: «حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا».

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ، فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعَةً (٥).


(١) «حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج والعمرة»، للنووي (ص: ٢٣٢).
(٢) «المجموع» (٧/ ٣٦٠).
(٣) «المجموع» (٨/ ٤٠)، و «المغني» (٥/ ٢١٧)، و «الاستذكار» (٤/ ١٩٢).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٣٤)، و «الأُم» (٢/ ١٧٥)، و «الحاوي» (٤/ ١٤١)، و «المغني» (٥/ ٢١٧).
(٥) رواه البخاري (١٦٠٤)، ومسلم (١٢٦١).

<<  <   >  >>