للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتُرض عليه بأنه إذا تعارض الموقوف والمرفوع، قُدِّم المرفوع، الذي فيه نهي المُحْرِم عن لُبس السراويلات. والتُّبَّان سروال قصير، فيَدخل في عموم النهي.

والراجح: أنه لا يَجوز لُبس السروال القصير تحت الإزار، وقد يكون ظهور العورة بسبب عدم تعلم كيفية إحكام لباس الإحرام، فينبغي تعليم الحُجاج كيفية إحكام لباس الإحرام حتى لا تظهر العورة؛ لأن ما لا يَتم الواجب إلا به فهو واجب.

[المطلب الرابع: مدة اللبس الموجبة للفدية]

اختَلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:

الأول: أن قليل اللبس وكثيره سواء في إيجاب الفدية؛ لأن ظواهر النصوص مَنَعَتِ المُحْرِم من لبس المَخيط دون تقييد. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (١).

الثاني: أن المُحْرِم إذا لبس المَخيط، ثم نزعه في الحال، فلا فدية عليه؛ لعموم قول النبي لمُحْرِم: «اخلع عنك هذه الجُبة» ولم يأمره بالفدية. وهو قول للمالكية (٢).

الثالث: أن الفدية لا تجب إلا بلباس يوم كامل. وهو مذهب الحنفية (٣).

ونوقش بأنه قد تُؤدَّى العمرة في أقل من يوم، ومعنى ذلك أن المعتمر قد يؤدي عمرته ولا فدية عليه؛ لأن التأقيت بيوم لا يَثبت إلا بدليل.

والراجح: أن ظواهر نصوص الكتاب والسُّنة مَنَعَتِ المُحْرِم من لبس المَخيط دون تقييد، فدل ذلك على أن مطلق اللبس يوجب الفدية، وأن قليله وكثيره سواء. والله أعلم.

القسم الثاني: الحالات المستثناة من لُبس المَخيط: وفيه ثمانية مطالب:

المطلب الأول: لُبس السراويل لمن لم يجد الإزار:

إن لم يجد المُحْرِم إزارًا، لبس السراويل، دل على ذلك السُّنة والإجماع.

أما السُّنة، فما ورد عن ابن عباس قال: خَطَبَنَا النَّبِيُّ بِعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: «مَنْ


(١) «الأم» (٢/ ١٤٩)، و «الحاوي» (٤/ ١٠٧)، و «المبدع» (٣/ ١٤١).
(٢) «المدونة» (١/ ٣٤٤)، و «الذخيرة» (٣/ ٣٠٤).
(٣) «المبسوط» (٤/ ١٢٦)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ١٨٣).

<<  <   >  >>