للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الاستدلال بقول النبي : «مَنْ أتى البيت، فليُحَيِّه بالطواف» فهذا الحديث لم أقف عليه في كتب السُّنة المعتمدة، ولو صح فلفظة (فليُحيِّه) تدل على الاستحباب.

[المبحث الثاني: وقت طواف القدوم]

يَبدأ وقت طواف القدوم حين دخول الحاج مكة في أشهر الحج، فعن عائشة قالت: «إنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ».

هل ينتهي طواف القدوم بالوقوف بعرفة؟

اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:

الأول: أنه لا يُشْرَع طواف القدوم بعد الوقوف بعرفة؛ وذلك لفوات وقته. وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية وبعض الحنابلة (١).

القول الآخَر: أنه يُشْرَع للمُفْرِد طواف القدوم بعد الوقوف بعرفة، إذا لم يَطُف للقدوم. وبه قال أحمد (٢).

والراجح: هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، من أنه لا يطاف للقدوم بعد الوقوف بعرفة لفوات وقته؛ لأن عائشة لما حاضت ولم تَطُف حتى دخل عليها يوم عرفة- قَرنت الحج بالعمرة، ثم طافت بعد أن طهرت للإفاضة، ولم تَطُف للقدوم ولا أَمَرها النبي به. ولو كان طواف القدوم واجبًا لأُمِرَتْ به، بل قال لها : «يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» فدل ذلك على سقوط طواف القدوم عمن وقف بعرفة.

المبحث الثالث: هل يُسْقِط طواف القدوم طواف الإفاضة؟

ذهب جماهير العلماء إلى أنه لا يُكتفى بطواف القدوم عن طواف الإفاضة، وقد استفاض عن النبي من رواية جابر وابن عمر وغيرهما من الصحابة- أنه طاف بالبيت طواف الإفاضة يوم النحر.

وفي مذهب مالك يُكتفى بطواف القدوم عن طواف الإفاضة (٣).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٤٨)، و «مواهب الجليل» (٤/ ١١٥)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٤٢).
(٢) «المغني» (٥/ ٣١٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ١٨٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٤٣).
(٣) «التمهيد» (١٥/ ٢٢٠).

<<  <   >  >>