للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» (١).

فمقتضى النهي التحريم، وهو خاص، ويجب تقديمه على عموم غيره (٢).

القول الثالث: يُكْرَه لمن أراد أن يضحي أن يَحلق شعره ويُقلم أظفاره حتى يضحي. وهذا مذهب المالكية، والشافعية، وهو قول للحنابلة (٣).

واستدلوا بالجَمْع بين نصوص الباب، بحَمْل نصوص النهي على الكراهة، ونصوص الإباحة على عدم التحريم (٤).

المطلب الثاني: حُكْم الفدية لمَن أراد أن يضحي، فأَخَذ من شعره أو قَلَّم أظفاره. لا فدية عليه بالإجماع (٥).

المطلب الثالث: يَحرم على المضحي أن يبيع شيئًا من الأضحية.

قال الماوردي: يَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّ الْمُضَحِّي؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ فَنَصَّ عَلَى أَكْلِهِ وَإِطْعَامِهِ، فَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ. وَعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ : «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ البَيْعِ. وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ الْمُسْتَحَقَّةَ فِي الْقُرْبِ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَقَرِّبِ بَيْعُهَا، كَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ (٦).


(١) رواه مسلم (١٩٧٧). وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الظُّفُرِ وَالشَّعْرِ: النَّهْيُ عَنْ إِزَالَةِ الظُّفْرِ بِقَلْمٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمَنْعُ مِنْ إِزَالَةِ الشَّعْرِ بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ إِحْرَاقٍ، أَوْ أَخْذِهِ بِنَوْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ شَعْرُ الْإِبْطِ وَالشَّارِبِ وَالْعَانَةِ وَالرَّأْسِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ شُعُورُ بَدَنِهِ. «شرح النووي» (١٣/ ١٣٩).
(٢) «المغني» (١٣/ ٣٦٣).
(٣) «الذخيرة» (٤/ ١٤١)، و «الحاوي» (١٥/ ٧٤)، و «المغني» (١٣/ ٣٦٢، ٣٦٣).
(٤) وَهَذَا نَهْيٌ، وَالنَّهْيُ إِذَا لَمْ يَقْتَضِ التَّحْرِيمَ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ. «مواهب الجليل» (٣/ ٢٤٤).
(٥) قال ابن قُدامة: إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَتْرُكُ قَطْعَ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمَ الْأَظْفَارِ، فَإِنْ فَعَلَ اسْتَغْفَرَ اللهَ تَعَالَى، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ إجْمَاعًا، سَوَاءٌ فَعَلَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا. «المغني» (١٣/ ٣٦٣).
وقال المَرْداوي: لو خالف وفَعَل، فليس عليه إلا التوبة، ولا فدية عليه إجماعًا. «الإنصاف» (٤/ ٨٠).
(٦) «الحاوى» (١٥/ ٢٧٢). قال ابن قُدامة: «لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ، لَا لَحْمِهَا وَلَا جِلْدِهَا، وَاجِبَةً كَانَتْ أَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالذَّبْحِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَبِيعُهَا، وَلَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْهَا. وَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! كَيْفَ يَبِيعُهَا، وَقَدْ جَعَلَهَا لِلهِ ﷿؟!». «المغني» (١٣/ ٣٨٢).

<<  <   >  >>