للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمهيد:

سبب تسميته طواف الإفاضة

سُمي طواف الإفاضة لأنه يَكُون بعد الإفاضة مِنْ عرفة ومُزدلِفة ومِنًى (١).

المبحث الأول: حُكْم طواف الإفاضة

طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، بالكتاب والسُّنة والإجماع.

أما الكتاب، فقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] والمراد بهذا الطواف هو طواف الإفاضة بالإجماع (٢).

ودل على ذلك سياق الآية، فلا يكون يوم النحر بعد قضاء التفث والوفاء بالنذر، إلا بَعْد طواف الإفاضة.

وأما السُّنة، فَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ - زَوْجَ النَّبِيِّ حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» (٣).

قال ابن عبد البر: مَعْنَى الْآثَارِ الْمَرْفُوعَةِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَحْبِسُ الْحَائِضَ بِمَكَّةَ، لَا تَبْرَحُ حَتَّى تَطُوفَ لِلْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الْمُفْتَرَضَ عَلَى كُلِّ مَنْ حَجَّ، وَهَذَا كُلُّهُ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ (٤).

وأما الإجماع، فقد نَقَل غير واحد الإجماع على أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، لا يصح إلا به (٥).


(١) ومنه أن رسول الله أَفاض يوم النحر. وكذا يسمى (طواف الزيارة) لأنهم يأتون من مِنًى زائرين البيت، ويَعُودون في الحال. و (طواف الركن) لكونه ركنًا فيه. «شرح العمدة» (٢/ ٥٤٧).
(٢) قال الطبري: لا خلاف بين أهل التأْويل في ذلك. «تفسيره» (٩/ ١٤٢).
(٣) البخاري (١٧٥٧)، ومسلم (٣٢٠٥).
(٤) «الاستذكار» (٤/ ٣٧١).
(٥) وقد نَقَل الإجماع: ابن المنذر في «الإجماع» (ص: ٥٨)، وابن حزم في «مراتب الإجماع» (ص: ٤٢)، والكاساني في «بدائع الصنائع» (٢/ ١٢٨) وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (١/ ٣٥٢)، والنووي في «شرح مسلم» (٩/ ١٨)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٣١١)، وغيرهم كثير.

<<  <   >  >>