وخالفهم مسلم في «صحيحه» (١٢٦٣)، والفضل بن الحُبَاب عند ابن حِبان (٣٨١٣) وعثمان بن سعيد الدارمي، وعلي بن عبد العزيز البَغَوِيّ. أربعتهم عَنِ القَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ ﵄، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ». فتَبَيَّن من ذلك شذوذ رواية القَعْنَبِيّ المتصلة المرفوعة لرسول الله ﷺ؛ لأنه حَدَث عليه خلاف، وإن كان تابعه الوليد بن مسلم عند النَّسَائي (٢٩٦٣) فلا يُلتفَت إلى تلك المتابعة؛ لمخالفتهما لأصحاب مالك الثقات، كابن وهب ويحيى عند مسلم (٣٠٥٤) وخالد عند ابن أبي شيبة (١٥١٣٠) وغيرهم. والحاصل: أن قراءة سورتَي الكافرون والإخلاص في ركعتيِ الطواف من قول محمد بن علي بن الحسين. وأما رواية مسلم فقد ذَكَرها مرسلة. وأما الروايات المرفوعة، فلا تصح عن رسول الله ﷺ. وقد قال ابن المَديني: رَوَى عن جعفر عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها، منها حديث حابر الطويل في الحج، وحديث يحيى بن سعيد عن جعفر إرساله أثبت. «إكمال تهذيب الكمال» (٣/ ٢٧٠). وقال ابن عدي: هذا الحديث حَدَّث به عن جعفر جماعة من الأئمة، ولم يَرْوِ هذا الحديث عنه أطول مما رواه عنه حاتم بن إسماعيل «الكامل» (٣/ ٧١). (١) البخاري (١٦٠٠). (٢) قال ابن المنذر: ثَبَتَتِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ، صَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مُصِيبٌ. «الإشراف» (٣/ ٢٨٢). وقال النووي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ طَائِفٍ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ- أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ. «شرح مسلم» (٨/ ١٧٥). وقد نَقَل الإجماع أيضًا: ابن عبد البر «الاستذكار» (٤/ ٢٠٤)، والشربيني «مغني المحتاج» (٢/ ٢٥٢). (٣) قال ابن عبد البر: وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الطَّائِفَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَحَيْثُ أَمْكَنَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُصَلِّ عِنْدَ الْمَقَامِ أَوْ خَلْفَ الْمَقَامِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. «الاستذكار» (٤/ ٢٠٤). وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الطائف يُجْزئه أن يصلي الركعتين حيث شاء. «الإجماع» (٥٦).