للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: ما يترتب على الجماع في النسك]

يترتب على الجماع في الحج خمسة أشياء:

الأول: الإثم لعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ﴾ [البقرة: ١٩٧].

قال ابن عبد البر: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ النِّسَاءِ عَلَى الْحَاجِّ حَرَامٌ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ.

الثاني: فساد النسك. فلا خلاف بين أهل العلم أن المُحْرِم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفات- أن حجه يَفسد بذلك (١).

الثالث: وجوب المضي في الحج، وعلى ذلك جماهير العلماء (٢).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وَجْه الدلالة: أَمَر الله تعالى بإتمام الحج والعمرة، والأمر يقتضي الوجوب، وهو أَمْر عام، لم يُفرِّق بين الصحيح والفاسد. وقد أفتى بذلك جَمْع من الصحابة ، ولا يُعْرَف لهم مُخالِف.

الرابع: وجوب القضاء، نُقِل الإجماع على وجوب القضاء للمُحْرِم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفة (٣).

واختَلف العلماء على قولين في حكم افتراق الزوجين في حجة القضاء، ومعناه ألا يَنزل


(١) قال النووي: إذا جامع القارن قبل التحلل الأول، فَسَد حَجُّه بلا خلاف. «المجموع» (٧/ ٣٩٢).
(٢) قال النووي: قال الشافعي والأصحاب: ويَلزم مَنْ أَفْسَد حجًّا أو عمرة- أن يَمضي في فاسدهما، وهو أن يُتِم ما كان يعمله لولا الإفساد. ونَقَل أصحابنا اتفاق العلماء على هذا، وأنه لم يُخالِف فيه إلا داود الظاهري، فإنه قال: يَخرج منه بالإفساد. «المجموع» (٧/ ٣٨٨)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٥١).
(٣) قال ابن المنذر: أَجْمَعُوا على أن مَنْ جامع عامدًا في حجه، قبل وقوفه بعرفة، أن عليه حجًّا قابلًا. (ص: ٥٢). وقال النووي: يجب على مُفسِد الحج أو العمرة القضاء بلا خلاف، سواء كان الحج أو العمرة فرضًا أو نفلًا. «المجموع» (٧/ ٣٨٩)، وكذا الشربيني في «مغني المحتاج» (١/ ٥٢٣).

<<  <   >  >>