للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراجح: أنه إذا جامع المُحْرِم بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول، فَسَد حجه.

الحال الثالثة: إذا جامع المُحْرِم امرأته بعد التحلل الأول:

اختَلف أهل العلم في ذلك على قولين:

الأول: أن مَنْ جامع بعد التحلل الأول لا يَفسد نسكه. وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (١).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور والمعقول:

أما السُّنة، فعن عروة بن مُضَرِّس الطائي قال: قال رسول الله : «مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ».

وَجْه الدلالة: أنه إذا تم حجه يوم النحر، فلا وجه لإبطاله بعد ذلك.

وأما المأثور، فعن ابن عباس ، أن رجلًا أصاب من أهله قبل أن يطوف بالبيت يوم النحر، فقال: «يَنحران جَزورًا بينهما، وليس عليهما الحج من قابل» (٢).

وأما المعقول، فَلِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ لَهَا تَحَلُّلَانِ، فَوُجُودُ الْمُفْسِدِ بَعْدَ تَحَلُّلِهَا الْأَوَّلِ لَا يُفْسِدُهَا، كَوُجُودِ المُفْسِدِ بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأَوْلَى فِي الصَّلَاةِ (٣).

القول الآخَر: أن مَنْ جامع بعد الرمي والحلق وقبل طواف الإفاضة، فحجه فاسد وعليه الحج من قابل؛ لأن الوَطء صادف إحرامًا من الحج فأَفْسَده، كالوَطء قَبْل الرميِ. وهو مروي عن ابن عمر والنَّخَعي، وهو قول الظاهرية (٤).


(١) «البحر الرائق» (٣/ ١٨)، و «الاستذكار» (١٢/ ٧٠٤)، و «الحاوي» (٤/ ٢١٩).
قال ابن قُدامة: الْوَطْءُ بَعْدَ الْجَمْرَةِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. «المغني» (٥/ ٣٧٥)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٥٣).
(٢) رواه الدارقطني في «السُّنن» (٢/ ٢٧٢)، والبيهقي (١٠٠٨٣).
(٣) «المغني» (٥/ ٣٧٥).
(٤) «الاستذكار» (١٢/ ٣٠٧)، و «المغني» (٥/ ٣٧٥)، و «المُحَلَّى» (٥/ ٢٠٠).

<<  <   >  >>