للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن عمر قال: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ (١).

واستدل بأن النبي أَمَر أسماء بنت عُمَيْس بالاغتسال لما وَلَدَتْ، وإذا كانت النُّفَساء لا تنتفع من غسلها في استباحة العبادة كالصلاة، ومع ذلك أَمَرها النبي بالاغتسال؛ فاغتسال المُحْرِم الطاهر من باب أَوْلَى.

ويُستحب للمُحْرِم حَلْق العانة ونَتْف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظفار؛ لأنه إذا كان يُستحب الغُسل للتنظف فهذا يَدخل في عموم التنظف للإحرام. ولأن الإحرام يَمنع قص الشَّعر وقَلْم الأظفار، فاستُحب فعله قبله؛ لئلا يَحتاج إليه في إحرامه فلا يتمكن منه.

المطلب الثاني: يُسَن اغتسال الحائض والنُّفَساء للإحرام:

يُسَن بالإجماع للحائض والنُّفَساء الغُسل للإحرام (٢).

وعن جابر بن عبد الله قال: « … فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ : كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي».

[المطلب الثالث: استحباب تلبيد الرأس]

يُستحَب للمُحْرِم بعد غُسْل الإحرام أن يُلبِّد رأسه (٣).


(١) رجاله ثقات: أخرجه ابن أبي شيبة (١٥٨٤٧)، والبَزَّار (٦١٥٨): عن حُمَيْد، عن بكر بن عبد الله، به.
قال ابن حجر: هو إسناد صحيح. انظر «إتحاف المَهَرة» (٩٣٧١).
وقد رود عن ابْنَ عُمَرَ من فعله أنه كَانَ يَغْتَسِلُ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، عند مَالِكٍ (٩٠٠)، عَنْ نَافِعٍ، به.
وله شواهد، منها: عن زيد بن ثابت، عند الترمذي (٨٤٥) وفي إسناده عبد الله بن يعقوب، ولا يُعْرَف حاله. وقد تابعه أبو غَزِيَّةَ محمد بن موسى عند الدارقطني (٢٤٣٥) ولكنه ضعيف، والْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ شَاذَانُ، عند البيهقي (٨٩٤٤) ولكن في السند إليه ضعف، ومدار الحديث علي عَبْد الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وفيه مقال ولا يتحمل مثل هذا المتن.
وفي الباب: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: «اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ، ثُمَّ لَبِسَ ثِيَابَهُ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ … » أخرجه الدارقطني (٢٤٣٢) وفي إسناده يعقوب بن عطاء، وهو ضعيف.
وعَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ ، كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ اغْتَسَلَ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يُحَرِمَ»
أخرجه الطبراني «الأوسط» (٤٨٨٩). وفي إسناده: خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ، وهو متروك الحديث.
(٢) «التمهيد» (١٩/ ٣١٥)، و «شرح النووي» (٨/ ١٣٣).
(٣) التَّلْبِيدُ: أَنْ يَجْعَلَ فِي رَأْسِهِ شَيْئًا مِنَ الصَّمْغِ أَوْ نَحْوِهِ؛ حَتَّى يَجْتَمِعَ شَعْرُهُ وَيَتَلَبَّدَ، فَلَا يَتَخَلَّلَهُ الْغُبَارُ، وَلَا يَقَعَ فِيهِ الدَّبِيبُ وَلَا يَتَشَعَّثُ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ. «شرح السُّنة» (٧/ ٧٩)، و «المجموع» (٧/ ٢٢٠).

<<  <   >  >>