للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنبي أَمَرَ أصحابه بالإحرام بنُسك مُعيَّن، فقال: «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالحَجِّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ؛ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» (١).

المبحث السادس: الإحرام المُبْهَم:

إذا أَحْرَم ولم يُعيِّن نُسكه، فإنه ينعقد إحرامه، ويصرفه إلى ما شاء من أنواع النُّسك قبل شروعه في أفعال النُّسك. وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (٢).

وذلك لِما رَوَى جابر قال: فَقَدِمَ عَلِيٌّ ، بِسِعَايَتِهِ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ : «بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟» قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ . قَالَ: «فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ» (٣).

المبحث السابع: مَنْ لَبَّى بغير ما نوى:

مَنْ لَبَّى بغير ما نوى، كأن يَنوي التمتع، ويَجري على لسانه الإفراد، فإنه يكون مُحْرِمًا بما نوى، لا بما جرى على لسانه؛ لعموم قول النبي : «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».

وقال ابن المنذر: أجمعوا على أنه إذا أراد أن يُهِلّ بحج، فأَهَلّ بعمرة، أو أراد أن يُهِلّ بعمرة فلَبَّى بحج، أن اللازم ما عَقَد عليه قلبه، لا ما نَطَق به لسانه (٤).

المبحث الثامن: نسيان ما أَحْرَم به:

ذهب جمهور العلماء إلى أن مَنْ أَحْرَم بشيء مُعيَّن، ثم نسي ما أَحْرَم به، فإنه يَلزمه حج وعمرة، ويَعمل عمل القارن. وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية (٥).

واستدلوا بأنه تَلبَّس بالإحرام يقينًا بأحد الأنساك بالإفراد بالحج أو القِران بين الحج والعمرة؛ ولذا فإنه يَلزمه حج وعمرة، ويَعمل عمل القارن؛ فهذا أحوط لاشتماله على النُّسكين، فتَبْرأ ذمته (٦).


(١) رواه البخاري (١٧٨٣).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٤٣٨)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٦٣)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٧٧)، و «المغني» (٣/ ٢٦٧).
(٣) رواه البخاري (٤٣٥٢)، ومسلم (١٢٢١).
(٤) «الإجماع» لابن المنذر (ص: ٥١)، ويُنظَر «المغني» (٣/ ٢٦٥).
(٥) «فتح القدير» (٢/ ٤٣٨)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٦٥)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٢٦٧).
(٦) «مغني المحتاج» (١/ ٤٧٨).

<<  <   >  >>