للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَقَل الإجماع على ذلك: ابن المنذر، وابن عبد البر، وابن رُشْد … وغيرهم (١).

وهذا الإجماع منخرم، فقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الإمام يَجهر بالقراءة في صلاتَي الظُّهر والعصر في يوم عرفة، فتقاس على الجمعة لأن الإمام يَخطب لعرفة كالجمعة (٢).

ونوقش بأنه لا قياس مع النص، والله أعلم.

المطلب السادس: حُكْم الصلاة فيما لو وافق يوم عرفة يوم الجمعة:

ذهب جماهير العلماء إلى أنه لا تجب صلاة الجمعة على مَنْ وقف بعرفة؛ لأن النبي صلى الظُّهر ولم يُصَلِّ الجمعة؛ ولذا أَسَر فيها بالقراءة (٣).

المبحث الخامس: يُسَن للحاج بعد الانتهاء من صلاتَي الظُّهر والعصر بنَمِرة- التوجه إلى عرفات ليَطُول زمن وقوفه به.

ففي حديث جابر: «ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ».

المبحث السادس: يُسَن للحاج أن يقف على عرفات مُستقبِل القبلة،

على طهارة إن أمكن، فارغًا من الأمور الشاغلة له عن الدعاء، ويَحذر من المخاصمة والمشاتمة.

المبحث السابع: الإكثار من الدعاء والذِّكر والتلبية يوم عرفة:

فعن جابر في حديثه الطويل، في صفة حجة النبي : «فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ» فلم يَزَل واقفًا للدعاء والتضرع بين يدي الله ﷿.


(١) قال ابن المنذر: وأَجْمَع كل مَنْ نَحفظ عنه من أهل العلم- على أن الإمام لا يَجهر في صلاة الظهر والعصر بعرفة بالقراءة. «الإشراف» (٣/ ٣١١). ونَقَل أيضًا الإجماع: ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٣٢٥)، وابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ١١٣).
(٢) قال النووي: وَيُسِرُّ الْقِرَاءَةَ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجْهَرُ كَالْجُمُعَةِ. «المجموع» (٨/ ٨٧).
(٣) «المبسوط» (٤/ ٥٥)، و «التمهيد» (١٠/ ١٥)، و «زاد المعاد» (٢/ ٢٣٤).

<<  <   >  >>