للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: تعريف الهَدْي وجنسه:

وسُمي هَدْيًا لأنه يُهْدَى من بهيمة الأنعام (غنم أو بقر أو إبل) لأهل الحَرَم.

والهَدْي هو ذبح المتمتع والقارن يوم النحر أو أيام التشريق، شاة أو سُبْع بدنة أو سُبْع بقرة. فإِنْ نَحَر بدنة أو ذَبَح بقرة فقد زاد خيرًا؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

فيُستحَب لمَن قَصَد مكة حاجًّا أن يُهْدِي إليها من بهيمة الأنعام؛ لِما روى البخاري عن علي قال: «أَهْدَى النَّبِيُّ مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهَا» (١).

قال ابن رُشْد: فَأَمَّا جِنْسُ الْهَدْيِ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْهَدْيُ إِلَّا مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ، الَّتِي نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهَا (٢).

المبحث الثاني: وجوب الهَدْي على المتمتع:

يجب على المتمتع دم نسك إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، فمَن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦].

نُقِل الإجماع على وجوب الهَدْي على المتمتع، إذا لم يكن من أهل الحَرَم (٣).

ويُسَن لمَن أهدى شيئًا من الإبل أو البقر أن يُشْعِره ويُقَلِّده.

روى مسلم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ» (٤).


(١) رواه البخاري (١٧١٨).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ١٣٨). ونَقَل الإجماع على ذلك: ابن عبد البر في «الاستذكار» (٢/ ١٠) والنووي في «شرح مسلم» (٦/ ١٣٧)، والمَرْدَاوي في «الإنصاف» (٤/ ٥٣)، وغيرهم.
(٣) نَقَل الإجماع على ذلك: ابن المُنذِر في «الإجماع» (ص: ٥٦)، وابن قُدامة في «المغني» (٥/ ٣٥١)، وابن رُشد في «بداية المجتهد» (٢/ ١٣٢)، وابن مُفْلِح في «الفروع» (٥/ ٣٤٧) وغيرهم.
(٤) رواه مسلم (١٢٤٣). قال النووي: أَمَّا الْإِشْعَارُ، فَهُوَ أَنْ يَجْرَحَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْيُمْنَى بِحَرْبَةٍ أَوْ سِكِّينٍ، ثُمَّ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهَا. وَإِشْعَارُ الْهَدْيِ لِكَوْنِهِ عَلَامَةً لَهُ. وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ، فَإِنْ ضَلَّ رَدَّهُ وَاجِدُهُ. «شرح مسلم» (٨/ ٢٢٨) والتقليد: أن يُعَلَّق في عنق الهَدْي شيء كالقلادة؛ ليُعْلَم أنه هَدْي.

<<  <   >  >>