للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: ما ورد عن عِمران قال: «أُنْزِلَتْ آيَةُ المُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ» (١).

والثاني: ما قاله ابن قُدامة: وَقَدْ خَالَفَ أَبَا ذَرٍّ: عَلِيٌّ، وَسَعْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ (٢).

وأما المأثور، فقد ورد النهي عن متعة الحج عن أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية (٣).

ونوقش هذا من وجهين:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا نَهَيَا عَنْهُ تَنْزِيهًا، وَحَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَهُمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا كَانَا يَنْهَيَانِ عَنِ التَّمَتُّعِ الَّذِي فَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ فَسْخُ الحَجِّ إِلَى العُمْرَةِ (٤).

والراجح: جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة؛ لدلالة السُّنة على ذلك.

المبحث الثالث: ما نوع النسك الذي أَهَل به النبي

اختَلف أهل العلم في نوع النُّسك الذي أَهَل به النبي ، على أربعة أقوال:

القول الأول: النُّسك الذي أَحْرَم به النبي هو القِران. وبه قال الحنفية وأحمد (٥).

روى مسلم عَنْ أَنَسٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» (٦).

ورَوَى البخاري: عن عُمَر قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ بِوَادِي العَقِيقِ يَقُولُ: «أَتَانِي


(١) البخاري (٤٥١٨)، ومسلم (١٢٢٦).
(٢) «المغني» (٥/ ٨٩).
(٣) فقد ورد النهي عن متعة الحج عن أبي بكر، كما عند أحمد (٢٢٧٧) وعن عمر عند البخاري (١٧٢٤)، ومسلم (٣٠٢٥)، وعن عثمان عند البخاري (١٥٦٣)، ومسلم (٢٩٦٢) وعن عبد الله بن الزبير عند مسلم (٣٠٠٥)، وعن معاوية عند النَّسَائي (٢٧٣٨).
(٤) «المجموع» (٧/ ١٥١).
(٥) «شرح معاني الآثار» (٢/ ١٦٠)، و «المغني» (٥/ ٨٦). قال أحمد: لا أشك أن النبي كان قارنًا.
(٦) مسلم (١٢٤٦، ١٢٤٧).

<<  <   >  >>