للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: إذا خُلِط الطِّيب بطعام، فهل تجب فيه الفدية؟

اتفق عامة أهل العلم على أن الزعفران وغيره من الطِّيب إذا خُلط بطعام، ثم طُبخ على النار، فذهب طعمه ولونه وريحه، فإنه يَجوز للمُحْرِم أكله، ولا فدية في ذلك (١).

واختلفوا على ثلاثة أقوال في الطعام إذا خُلط بطِيب، ثم طُبخ على النار، وبقيت صفاته أو شيء منها، فهل يَجوز للمُحْرِم تناوله أم لا؟

الأول: إذا خُلط الطِّيب بطعام، فظهرت الرائحة، فإن عليه الفدية. بخلاف ما لو ذهبت الرائحة بالطبخ، فيَجوز أكله ولا فدية عليه؛ لأن الحُكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا. وهو مذهب الشافعية والحنابلة (٢).

الثاني: أن خلط الطِّيب بطعام له حالتان:

الأولى: أن يُخلَط الطِّيب بطعام مطبوخ، فلا شيء عليه؛ لأن الطِّيب صار مستهلكًا في الطعام بالطبخ.

الثانية: أن يُخلَط الطِّيب بطعام غير مطبوخ، فإن كان الطعام أكثر فلا شيء عليه، وإن كان الطِّيب أكثر وجب في أكله الدمُ. وهذا مذهب الحنفية (٣).

القول الثالث: أن كل طعام خُلط بطِيب من غير أن يُطبَخ فيه، فهو محظور وتجب فيه الفدية. وبه قال المالكية (٤).

والراجح: أنه إذا خُلط الطِّيب كالزعفران بطعام، فذهبت الرائحة بالطبخ، جاز أكله ولا فدية عليه؛ لأن الطِّيب صار مستهلكًا في الطعام بالطبخ. وكذا ملونات الطعام ومنكهاته، لا فدية على المُحْرِم في استعمالها.


(١) «المبسوط» (٤/ ١٢٤)، و «المدونة» (١/ ٣٤٢)، و «الأُم» (٢/ ١٥٢)، و «المغني» (٥/ ١٤٧).
(٢) «المجموع» (٧/ ٢٧٣)، و «المبدع» (٣/ ١٧١).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٩١).
(٤) «الشرح الكبير» للدردير (٢/ ٢١)، و «حاشية الصاوي» (٢/ ٨٦).

<<  <   >  >>