للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: أن مبتورة بعض الذَّنَب لا تجزئ. وهو مذهب الشافعية (١).

القول الثالث: أن مبتورة الأَلْيَة تجزئ. وهو مذهب الحنابلة (٢).

والراجح: أن مبتورة الأَلْيَة من الأغنام لغرض التسمين بالشروط المذكورة- تجزئ في الأضحية؛ لأن هذا النقص لا يُخِل بالمقصود من الأضحية (٣). مع أن الأصل في الأضحية هو طلب الكمال والسمن والسلامة من العيوب، وأفضل الأضاحي أسمنها؛ لقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢].

المبحث السادس: شراء الشركات جلود الهَدْي والأضاحي:

تقوم جمعيات خيرية بجمع جلود الأضاحي وبيعها لمؤسسات صناعة الجلود، وصَرْف ثمنها في مشاريع خيرية، فما الحكم في ذلك؟

اختَلف العلماء في حُكْم بيع جلود الهَدْي والأضاحي على قولين:

القول الأول: عدم جواز بيعه. وهو مذهب المالكية والشافعية (٤)

واستدلوا بالسُّنة والقياس:

أما السُّنة، فَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا» (٥).


(١) «أسنى المطالب» (١/ ٥٣٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٣٥١).
(٢) «الفروع» (٣/ ٣٩٩)، و «الإنصاف» (٤/ ٨١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦).
(٣) قال ابن عثيمين: وعلى كل حال، ينبغي أن نقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما دلت السُّنة على عدم إجزائه، وهي أربع: العوراء البَيِّن عَوَرها، والمريضة البَيِّن مرضها، والعرجاء البَيِّن ضَلَعها، والعجفاء التي لا تُنْقِي. فهذه منصوص على عدم إجزائها، ويقاس عليها ما كان مثلها أو أَوْلَى منها.
الثاني: ما ورد النهي عنه دون عدم الإجزاء، وهو ما في أذنه أو قَرْنه عَيْب من خرق. ولكن هذا النهي يُحْمَل على الكراهة؛ لوجود الحديث الحاصر لعدم المجزئ بأربعة أصناف.
الثالث: عيوب لم يَرِد النهي عنها، ولكنها تُنافِي كمال السلامة، فهذه لا أثر لها، ولا تُكْرَه التضحية بها ولا تَحرم، مثل العرجاء عرجًا يسيرًا. فهذه عيوب لكنها لا تَمنع الإجزاء، ولا توجب الكراهة لعدم وجود الدليل، والأصل البراءة.
(٤) «عمدة القاري» (٥/ ٤٠٤)، و «فتح الباري» (٣/ ٥٥٦).
(٥) مسلم (١٣١٧).

<<  <   >  >>