للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني،

بداية وقت طواف الإفاضة:

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: وقت الفضيلة:

وقت الفضيلة أن يطوف طواف الإفاضة ضُحَى يوم النحر، بَعْد أن يَرمي جمرة العقبة، ويَنحر هَدْيه ويَحلق، ثم يطوف طواف الإفاضة.

قال ابن رُشْد: وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَمَى فِي حِجَّتِهِ الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ نَحَرَ بُدُنَهُ، ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا سُنَّةُ الْحَجِّ (١).

ودل على ذلك ما رواه مسلم، من حديث جابر في صفة حجة النبي في يوم النحر: وفيه: ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ ، فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ (٢).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١١٧).
(٢) مسلم (٢٩٢٢). وهنا إشكال قد يَرِد! فحديث جابر أن رسول طاف للإفاضة ضحى يوم النحر، ويشكل أنه ورد عن عائشة وابن عباس أن النبي أَخَّرَ طواف يوم النحر إلى الليل. أخرجه أحمد (٢٦١٢).
وقد أُعِل هذا الحديث بثلاث علل:
العلة الأولى: الاختلاف في سماع أبي الزُّبير من عائشة وابن عباس.
قال الترمذي: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقُلْتُ لَهُ: أَبُو الزُّبَيْرِ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: أَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَعَمْ، وَإِنَّ فِي سَمَاعِهِ مِنْ عَائِشَةَ نَظَرًا. «العلل الكبير» (ص: ١٣٤).
وقالَ ابن عُيينة: يقولون: أبو الزبير لم يَسمع من ابن عباس. وقال أبو حاتم: رأى ابن عباس رؤية، ولم يَسمع من عائشة. «المراسيل» (ص: ١٩٣).
العلة الثانية: ما قاله أبو الحسن بن القطان: وأبو الزبير مدلس، ولم يَذكر هاهنا سماعًا من عائشة ولا ابن عباس، وقد عُهِد أنه يَروي عنهما بواسطة. «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٦٤)، وقال ابن حزم: وَهَذَا حَدِيثٌ مَعْلُولٌ؛ لِأَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ مُدَلِّسٌ، ولَمْ يُقَلْ فِيهِ: (حَدَّثَنَا) «حجة الوداع» (ص: ٢٩٥).
العلة الثالثة: مخالفة متنه للأحاديث الثابتة، في طواف النبي للإفاضة، في ضحى يوم النحر.
قال ابن القيم: وَهَذَا الْحَدِيثُ غَلَطٌ بَيِّنٌ، خِلَافُ الْمَعْلُومِ مِنْ فِعْلِهِ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ. «زاد المعاد» (٢/ ٢٥٤) وكذا البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (٧/ ٣١٤).

<<  <   >  >>