للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد

الجمرات التي تُرمَى ثلاث: جمرة العقبة، وهي الكبرى، وتقع في آخِر مِنًى تجاه مكة. والجمرة الصغرى أول الجمرات من جهة مِنًى، وأبعدها من مكة وأقربها لمسجد الخَيْف.

وأيام الرمي أربعة: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، تُسمَّى أيام التشريق.

المبحث الأول: لا يَرمي يوم النحر إلا جمرة العقبة الكبرى:

فعن جابر في حديثه الطويل في صفة حجة النبي يوم النحر: «حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ».

قال ابن المنذر: أجمعوا على أنه لا يَرمي في يوم النحر غير جمرة العقبة (١).

المبحث الثاني: الوقت المُستحَب لرمي جمرة العقبة يوم النحر:

قال ابن عبد البر: وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا رَمَاهَا ضُحَى ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَهَا وَوَقْتَهَا الْمُخْتَارَ. وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ رَمَاهَا يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْمَغِيبِ، فَقَدْ رَمَاهَا فِي وَقْتٍ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَحْسَنًا لَهُ (٢).

المبحث الثالث: بيان أول وقت رمي جمرة العقبة يوم النحر:

اتَّفَق العلماء على أن رمي جمرة العقبة قبل نصف الليل، من ليلة النحر- لا يجزئ بحال.

واختلفوا في بداية وقت إجزاء رمي جمرة العقبة يوم النحر على أربعة أقوال:

القول الأول: يَبدأ وقت رمي جمرة العقبة من منتصف ليلة يوم النحر، ويُسَن أن يكون بعد طلوع الشمس. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة (٣).


(١) «الإجماع» (ص: ٥٨). نَقَل الإجماع على ذلك: ابن عبد البر في «التمهيد» (٧/ ٢٦٨)، وابن رُشد في «بداية المجتهد» (١/ ٣٥٠) وغيرهما كثير.
(٢) «التمهيد» (٧/ ٢٦٨). ونَقَل الإجماع على ذلك: ابن رُشد في «بداية المجتهد» (٢/ ١١٦)، والعيني في «عمدة القاري» (١٠/ ٧١)، وابن بَطَّال في «شرح البخاري» (٤/ ٤٠٧)، وغيرهما كثير.
(٣) «الأم» (٢/ ٢١٣)، و «الحاوي» (٤/ ١٨٥)، و «المغني» (٥/ ٢٩٥)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠١). قَالَ حَرْبٌ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ نِصْفَ اللَّيْلِ، فَأَتَى مِنًى وَعَلَيْهِ لَيْلٌ، يَرْمِي الْجِمَارَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. «شرح العمدة» (٢/ ٦١٥).

<<  <   >  >>