للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بالسُّنة والمأثور:

أما السُّنة، فعن ابن عباس قال: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ (١).

وأما المأثور، فعن أنس أنه كان يُحْرِم من العقيق (٢).

قال ابن عبد البر: الْعَقِيقُ أَوْلَى وَأَحْوَطُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَذَاتُ عِرْقٍ مِيقَاتُهُمْ بِإِجْمَاعٍ.

والراجح: أن ميقات مَنْ أتى العراق هو (ذات عِرق) لصحة الأدلة.

وقيل: إن الإحرام من العقيق فيه الاحتياط والسلامة من الالتباس ب (ذات عِرق).

المبحث الثاني: مَنْ مر بميقاتين هل يَجُوز له مجاوزة الميقات الأول إلى ميقاتٍ آخَر؟

اتَّفَق العلماء على أن الأصل فيمن يمر بميقاتين أن يُحْرِم من الأول، واختلفوا هل يَجوز له مجاوزة الميقات الأول إلى ميقات آخَر، على أربعة أقوال:

القول الأول: لا يَجوز لمريد النُّسك أن يتجاوز أول ميقات يمر به إلى ميقات آخَر. مِثل أن يَترك أهلُ المدينة الإحرام من ذي الحُليفة حتى يُحْرِموا من الجُحفة. وهذا مذهب أبي حنيفة في رواية، والشافعية والحنابلة (٣).

واستدلوا بعموم قول النبي في شأن المواقيت: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ».

وَجْه الدلالة: أن الحديث يدل بعمومه على أن مَنْ مَر بميقات فهو ميقاته، فالشامي مثلًا إذا أتى ذا الحُليفة فهو ميقاته، ويجب عليه أن يُحْرِم منه.

واستدلوا بِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مُحِيطَةٌ بِالْبَيْتِ كَإِحَاطَةِ جَوَانِبِ الْحَرَمِ، فَكُلُّ مَنْ مَرَّ


(١) ضعيف: أخرجه أحمد (٣٢٠٦) ومن طريقه أبو داود (١٧٣٤). وإسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبي زياد، وقد تَفَرَّد به. وللانقطاع بين محمد بن علي وابن عباس. قال الإمام مسلم: ومحمد بن علي لا يُعْلَم له سماع من ابن عباس، ولا أَنه لَقِيه أَوْ رآه. كما في «التمييز» (ص: ٢١٥).
(٢) إسناده صحيح: رواه مُسَدَّد في «المسند» كما في «إتحاف الخِيَرة المهرة» (٣/ ١٧٧).
(٣) «فتح القدير» (٢/ ٣٣٤)، و «المجموع» (٧/ ١٩٨)، و «المغني» (٥/ ٦٤).

<<  <   >  >>