للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش بأن هذا القياس مع الفارق؛ لأنه لا خلاف في جواز الصوم قبل النحر، ولا يجوز ذبح الهَدْي قبل يوم النحر (١).

القول الثالث: أنه يَجوز صيام الثلاثة أيام قبل الإحرام بالعمرة. وهو قول عطاء ومجاهد وطاوس، وأحمد في رواية (٢).

وهذا قول شاذ يخالف الكتاب والسُّنة وإجماع الأمة (٣).

والراجح: أن المتمتع إذا لم يجد الهَدْي له أن يبتدئ صيام الثلاثة إذا انتهى من عمرته. وكذا القارن إذا انتهى من طواف القدوم والسعي، فله أن يبتدئ الصيام. والله أعلم.

[المطلب الثالث: الوقت المستحب لصيام الأيام الثلاثة في الحج]

اختَلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن الوقت المختار للصيام هو أن تكون الأيام الثلاثة قبل يوم عرفة. وبه قال الشافعية، ورُوي عن مالك، وهو قول للحنابلة (٤).

واستدلوا بما رَوَى مالك عن عائشة قالت: «الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى» (٥).

واستدلوا بأنه يُستحب فطر يوم عرفة للتَّقَوِّي على الدعاء، واقتداءً بالنبي .

القول الآخَر: أن المستحب أن يصوم قبل التروية يومًا ويوم التروية ويوم عرفة. وبه قال الحنفية والمالكية والحنابلة (٦).

الراجح: المتمتع إذا انتهى من عمرته والقارن إذا انتهى من طواف القدوم والسعي،


(١) وقال القاضي: لا خلاف أن الصوم يتعين قبل يوم النحر، بحيث لا يَجوز تأخيره إليه، بخلاف الهَدْي. «الاستذكار» (٤/ ٤١٤).
(٢) «الشرح الكبير» (٣/ ٣٣٤).
(٣) قال الكاساني: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، بِلَا خِلَافٍ. «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٣).
(٤) «المجموع» (٧/ ١٨٥)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٩٩)، و «المغني» (٣/ ٤١٧).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه مالك (١٢٨١) ورُوي مثله عن ابن عمر عند البخاري (١٩٩٩).
(٦) «البناية» (٣/ ٦٣٥)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤٣٣)، و «المغني» (٣/ ٤٧٨).

<<  <   >  >>