للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنفية والحنابلة (١).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة والمعقول:

أما الكتاب، فإن المتمتع إذا انتهى من عمرته، والقارن إذا انتهى من طواف القدوم والسعي، فصام، دخل في عموم قوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وأما السُّنة، فعن جابر ، أن النبي قال: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ».

وَجْه الدلالة: أنه يدل على جواز الصيام من الإحرام بالعمرة؛ وذلك لأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة.

وأما دليلهم من المعقول، فما قاله الكاساني: رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَتِ السُّنَّةُ فِي حَقِّهِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ، فَلَا يُمْكِنُهُ صِيَامُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا بَقِيَ لَهُ يَوْمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ قَدْ نُهِيَ عَنْ الصِّيَامِ فِيهَا، فَلَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ بِجَوَازِ الصَّوْمِ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَجِّ (٢).

القول الثاني: لا يَجوز صيام الثلاثة أيام إلا بعد التلبس بإحرام الحج. وهو قول زُفَر من الحنفية، ومذهب المالكية والشافعية (٣).

واستدلوا بالكتاب والمعقول:

أما الكتاب، فعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦].

وهذا نَصٌّ في وجوب صيامها في الحج، أي: بعد التلبس بإحرام الحج يوم التروية أو يوم عرفة، ولا يصام قبل ذلك؛ لأنه لا يكون صائمًا للثلاثة الأيام في الحج.

وأما دليلهم من المعقول، فأمران:

الأول: أن الله عَلَّق جواز الصيام بعدم الهَدْي، ولا نَعْلَم عَدَمه إلا قبل الإحرام بالحج؛ لأنه قد يُيَسَّر وجوده قبل ذلك.

الثاني: أنه لا يجوز تقديم المُبْدَل (الهَدْي) فكذا لا يَجوز تقديم البدل وهو الصيام.


(١) «المبسوط» (٤/ ١٨١)، و «المغني» (٥/ ٣٦١).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٣).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧٣)، و «المُنتقَى» (٢/ ٢٣٠)، و «الحاوي» (٤/ ٥٣).

<<  <   >  >>