للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: ما يتعلق بالصلاة في مسجد الكعبة: وفيه ستة مطالب:

[المطلب الأول: مضاعفة الصلاة]

هل المكان الذي تُضاعَف الصلاة فيه هو مسجد الكعبة، أو أن المضاعفة عامة في جميع حرم مكة؟

اتَّفَق العلماء على أن الصلاة في الحَرَم أفضل من الحِل، وأن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من باقي مساجد الحَرَم، وأن مضاعفة أجر الصلاة بالمسجد الحرام تشمله، وتشمل كل ما زِيد فيه.

واختَلفوا في المكان الذي تشمله مضاعفة الصلاة على قولين:

القول الأول: أن المُضاعَفة خاصة بالمسجد الذي فيه الكعبة. وبه قال المالكية، وهو قول للشافعية وقول للحنابلة (١).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة:

أما الكتاب، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: ١].

وَجْه الدلالة: أن المراد بالمسجد الحرام الذي تُضاعَف فيه الصلاة- مسجد الكعبة، ويدل على ذلك ما ورد عن أَنَس، أَنَّهُ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ (٢).

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٤٤] والمراد الكعبة، وبقوله تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الفتح: ٢٥] والرسول وأصحابه إنما صُدوا عن مسجد الكعبة لأنهم أحرموا بالعمرة، والطواف لا يكون إلا بمسجد الكعبة.

أما دليلهم من السُّنة، ففي «الصحيحين»: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» (٤).


(١) «شفاء الغرام» (١/ ٨٢)، و «المجموع» (٣/ ١٨٩، ١٩٠)، و «الفروع» (١/ ٦٠٠).
(٢) البخاري (٣٥٧٠)، ومسلم (١٦٢).
(٤) البخاري (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤). =

<<  <   >  >>