للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا أفتت اللجنة الدائمة (١).

[المبحث الرابع: مقدار المبيت الواجب في مزدلفة]

اختَلف أهل العلم في ذلك على خمسة أقوال:

القول الأول: أن المبيت الواجب هو معظم الليل، فيَجوز الدفع من مزدلفة إلى مِنًى بعد غياب القمر وقبل طلوع الفجر، وهذا قول للشافعية، ورواية عن أحمد (٢).

واستدلوا بالسُّنة والمعقول:

أما السُّنة، فاستدلوا بأن أسماء روت الرخصة عن رسول الله ، وجَعَلَتْها مؤقتة بمغيب القمر، فعن عبد الله مَوْلَى أسماء قال: قَالَتْ لِي أَسْمَاءُ وَهِيَ عِنْدَ دَارِ الْمُزْدَلِفَةِ: هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا. فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: ارْحَلْ بِي … فَقُلْتُ لَهَا: لَقَدْ غَلَّسْنَا! قَالَتْ: كَلَّا، أَيْ بُنَيَّ، إِنَّ النَّبِيَّ أَذِنَ لِلظُّعُنِ (٣).

الدليل الثاني: ما رواه ابن عباس قال: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللهِ بِسَحَرٍ مِنْ جَمْعٍ (٤).

وَجْه الدلالة: أن السَّحَر لا يكون إلا في آخِر الليل، فيكون بعد غياب القمر، فهذا يؤيد أن الدفع لا يكون إلا بعد غياب القمر.

أما دليلهم من المعقول، فإن مَنْ بات حتى مغيب القمر فقد بات معظم الليل، فله حُكْم مَنْ بات الليل كاملًا، بخلاف مَنْ بات نصف الليل.

القول الثاني: أن المبيت الواجب بمزدلفة إلى نصف الليل، فمَن دَفَع قبل نصف الليل فعليه دم. وهو القول هو المشهور عن الشافعية والحنابلة (٥).


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١١/ ٢١٦).
(٢) «حاشية القليوبي» (٢/ ١١٦).
قال ابن تيمية: قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى يَغِيبَ الْقَمَرُ. «شرح العمدة» (٢/ ٦١٦).
(٣) رواه مسلم (١٢٩١).
(٤) «صحيح مسلم» (١٢٩٤).
(٥) «الأم» (٢/ ٢١٢)، و «المجموع» (٨/ ١٣٥)، و «المغني» (٥/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>