للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإفاضة، فيباح له جميع المحظورات حتى النساء، بالإجماع، وهذا هو التحلل الأكبر.

قال الشربيني: (وإذا فَعَل الثالث) بعد الاثنين (حَصَل التحلل الثاني، وحَلّ به باقي المُحَرَّمات) بالإجماع، يعني: الرمي والحَلْق والطواف (١).

الحاصل في التحلل من الإحرام:

للحج تحللان: أول وثانٍ، يتعلقان برمي جمرة العقبة والحَلْق وطواف الإفاضة.

وأما النحر فلا مَدخل له في التحلل.

ويَحصل التحلل الأول برمي جمرة العقبة والحَلْق، ويحل له كل شيء حَرُم عليه إلا الجماع ومقدماته؛ سدًّا للذريعة.

ويَحصل التحلل الثاني بالرمي والحَلْق وطواف الإفاضة، والسعي للمتمتع، والمُفْرِد والقارن لمن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، ويحل به كل شيء حَرُم عليه حتى الجماع.

المطلب الخامس: بِمَ يَحصل التحلل من العمرة؟

اختَلف أهل العلم في ذلك على أربعة أقوال:

القول الأول: أن المعتمر لا يحل إلا بعد الحَلْق أو التقصير. وهو مذهب الحنفية والمالكية، والصحيح عند الشافعية، وهو مذهب الحنابلة (٢).

واستدلوا بعموم قول النبي : « … وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ … » (٣).

وَجْه الدلالة: أن المعتمر لا يحل إلا بعد الحَلْق أو التقصير؛ لأن النبي أَمَرهم به، وجَعَل الحِل بعده، وأَمْره يقتضي الوجوب.

القول الثاني: أن المعتمر لا يحل إلا بعد أداء السعي. وهو قول عند الشافعية، ورواية


(١) «مغني المحتاج» (٢/ ٢٧٣) ونَقَل الإجماع أيضًا ابن حجر الهيتمي في «تحفة المحتاج» (٤/ ١٢٤).
قال ابن حزم: واتفقوا على أَنْ مَنْ طاف طواف الإفاضة يوم النَّحْر أَوْ بعده، وكان قد أَكْمَل مناسك حجه ورَمَى؛ فقد حل له الصيد والنكاح، وكل ما كان امتنع بالإحرام. «مراتب الإجماع» (ص: ٤٥).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٣٠)، و «المُدوَّنة» (١/ ٧٠٢)، و «الأم» (٥/ ٧٨)، و «المغني» (٥/ ٢٤١).
(٣) البخاري (١٦٠٦)، ومسلم (٣٠٤١).

<<  <   >  >>