للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثاني والعِشرون: من نوازل الحج

وفيه أربعة مباحث:

[المبحث الأول: الحج السريع]

وهو أن يتجه الحاج عصرًا إلى عرفة، وبعد المغرب إلى مُزدلِفة، ثم بعد منتصف الليل يتجه إلى منًى ليَرمي جمرة العقبة، ويَحلق ويتحلل، ويتوجه إلى الحَرَم فيطوف ويسعى، جامعًا بين الإفاضة والوداع، ويُنيب مَنْ يقوم عنه برمي الجمرات أيام التشريق.

وقد خَصَّصَتْ بعض الشركات التي تقوم بمثل هذا الحج بعضًا من موظفيها؛ لكي ينوبوا عن الحاج فيما يتعين عليه القيام به، من رمي ونحوه.

وهذا الفعل فيه استهتار بشعائر الله وتلاعب بأوامره؛ لأن الله أَمَر بإتمام الحج لمن دخل فيه، بقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وتمامه لا يَحصل إلا بالإخلاص والمُتابَعة. وأيّ مُتابَعة لمَن تَرَك هذه الواجبات؟! وأي متابعة لمن أضاع رُوح العبادة وثمرتها، وهو الخشوع وحضور القلب في تلك الأماكن، التي تَنزل فيها الرحمات وتُغفَر الخطايا والسيئات؟! وليس الحج للنزهة والفسحة، وإنما الحج عبادة وجهاد يُتعِب فيها نفسه ويُرضِي فيها ربه.

ويجب على صاحب هذا الحج: التوبة والاستغفار، ويَلزمه دم لترك المبيت بمِنًى لوجوبه، ودم ثانٍ لرمي الجمار التي وَكَّل فيها؛ لأن توكيل القادر لا يصح ولا تَبرأ به الذمة، ودم ثالث لتَرْك طواف الوداع، ولا يصح أن يَجمع بين طواف الإفاضة و طواف الوداع يوم النحر؛ لوقوع طواف الوداع في غير وقته؛ فبداية وقته في اليوم الثاني عشر؛ لأنه لا يكون إلا بعد انتهاء رمي الجمرات وجميع المناسك (١).


(١) قالت اللجنة الدائمة (١١/ ٢٨٩): ومَن وَكَّل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحد أيام التشريق، ونَفَر يوم النحر- يُعتبَر مخطئًا مستهترًا بشعائر الله. ومَن يُوكِّل في رمي الجمرات اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق، ويطوف طواف الوداع ليتعجل بالسفر؛ فقد خالف هدي الرسول ، وما أَمَر به في أداء المناسك وترتيبها، وعليه التوبة والاستغفار من ذلك.
ويَلزم مَنْ فعل ذلك دم عن ترك المبيت بمِنًى، ودم عن تركه رمي الجمرات التي وَكَّل فيها ونَفَر، ودم ثالث عن طواف الوداع، وإن كان طاف بالبيت لدى مغادرته؛ لوقوع طوافه في غير وقته؛ لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات.

<<  <   >  >>