للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: حُكْم المُتعجِّل إذا غَرَبَتْ عليه شمس ثاني أيام التشريق:

اختَلَف أهل العلم في حُكْم مَنْ تَعَجَّل في اليوم الثاني عشر وغَرَبَتْ عليه الشمس، هل يبيت أم يرتحل؟ على قولين:

القول الأول: إذا غَرَبَتْ شمس يوم الثاني عشر على المُتعجِّل وهو بمِنًى، لزمه مبيت ليلة الثالث عشر والرمي من الغد. وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وهو رواية عن أبي حنيفة (١).

واستدلوا بالقرآن والمأثور:

أما القرآن، فاستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٠٣].

ف (اليوم) اسم للنهار، فإذا غَرَبَتِ الشمس فقد خرج اليوم، فيجب عليه المبيت والرمي.

وأما المأثور، فعن عُمر أنه قال: «مَنْ أَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلْيَقُمْ إِلَى الْغَدِ حَتَّى يَنْفِرَ مَعَ النَّاسِ» (٢).

وعن ابن عمر أنه كان يقول: «مَنْ غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ بِمِنًى، فَلَا يَنْفِرَنَّ حَتَّى يَرْمِيَ الْجِمَارَ مِنَ الْغَدِ» (٣).

القول الآخَر: أن التعجل يتحقق بالخروج من مِنًى قبل الفجر. وبه قال الحنفية (٤).

واستدلوا بأن الليالي تابعة للأيام الماضية، فإذا كان يجوز رمي يوم الثاني عشر حتى طلوع فجر الثالث عشر، فكذا يَجوز له النفر بعد الغروب ما لم يطلع عليه الفجر.

ونوقش بما قاله الماوردي: وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ النَّفْرَ مَا لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ


(١) «مواهب الجليل» (٤/ ١٨٨)، و «الأم» (٢/ ٢١٥)، و «المغني» (٥/ ٣٣٢)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٣٤).
(٢) إسناده صحيح: رواه البيهقي (٩٧٧٢) بهذا المتن عن ابن عمر من طريق مالك. وعَقَّب بقوله: وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ … فَذَكَرَهُ.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (١٢١٤) عن نافع، به. وروى ابن أبي شيبة (١٢٩٥٩) بسند صحيح: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا أَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَلَا يَنْفِرُ حَتَّى الْغَدِ وَتَزُولَ الشَّمْسُ.
(٤) «المبسوط» (٤/ ٦٨)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ١٥٩)، و «الهداية» (٣/ ١٧٧).

<<  <   >  >>