للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: حُكم الإحرام من الميقات لمَن مَرَّ به قاصدًا النُّسك:

يجب الإحرام من الميقات لمن مر به قاصدًا النُّسُك، بالسُّنة والإجماع.

أما السُّنة، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ … ».

وقد وَقَّتَ النبي المواقيت، فقال: «هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ».

وفائدة التأقيت: المنع من تأخير الإحرام عنها.

وأما الإجماع، فقد نُقِل الإجماع على تحريم مجاوزة الميقات دون إحرام، إذا كان قاصدًا النُّسك (١).

[المبحث الثاني: محاذاة الميقات، وفيه أربعة مطالب]

[المطلب الأول: الإحرام لركاب الأتوبيسات أو السفن أو الطائرات]

فمَن سَلَك طريقًا ليس فيه ميقات مُعَيَّن، بَرًّا كان أو بحرًا أو جوًّا، اجتَهد وأحرم إذا حاذى ميقاتًا من المواقيت. وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (٢).

المطلب الثاني: هل يمكن اعتبار جدة ميقاتًا مكانيًّا للحُجاج القادمين إليها عن طريق الجو أو البر أو البحر؟

اختَلف أهل العلم في هذه المسألة على أربعة أقوال:

القول الأول: أن جدة ليست ميقاتًا مكانيًّا، ولا يَجوز لأحد أن يتجاوز ميقاته ويُحْرِم من جدة. وبه صَدَرَتْ فتوى اللجنة الدائمة، وقرار هيئة كبار العلماء، والمَجْمَع الفقهي (٣).


(١) «بداية المُجتهِد» (٢/ ٩٠). وقال ابن تيمية: اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ عِنْدَ الْمِيقَاتِ. «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٤٦٠)، وهذا الإجماع منخرم، قال ابن حجر: وَذَهَبَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ. «فتح الباري» (٣/ ٣٨٧).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٤٢٦)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٤٦)، و «المجموع» (٧/ ١٩٩)، و «الفروع» (٥/ ٣٠٢).
(٣) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١١/ ١٢٦)، و «مجلة البحوث الإسلامية» (٣٢/ ٣٢٨).

<<  <   >  >>