للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتلبية، وعند الطواف ورَمْي الجمار كَبِّروه، واذكروا اسم الله على الذبيحة يوم النحر، وبعد الفراغ من نسككم وفي سائر أوقاتكم (١).

وكذا الدعاء، فالحج سفرة تعبدية معمورة بالذِّكر والدعاء، من أول ما يضع رجله في الغرز مسافرًا، ثم الدعاء يكون في كل مَنْسَك من مناسك الحج، في الطواف والسعي والوقوف بعرفة ومزدلفة، وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى، وعند ختام المناسك.

• المَقصِد الخامس: تعظيم حرمات الله وشعائره:

في سياق الحديث عن الحج ومناسكه قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: ٣٠].

قال السعدي: وحرمات الله: كل ما له حرمة وأَمَر باحترامه، بعبادة أو غيرها، كالمناسك كلها، وكالحَرَم والإحرام، وكالهدايا، وكالعبادات التي أَمَر الله العباد بالقيام بها، فتعظيمها إجلالها بالقلب ومحبتها، وتكميل العبودية فيها، غير متهاون، ولا متكاسل ولا متثاقل … وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢].

والمراد بالشعائر: أعلام الدين الظاهرة، ومنها المناسك كلها، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] ومنها الهدايا والقربان للبيت، وتَقَدَّمَ أن معنى تعظيمها: إجلالها، والقيام بها، وتكميلها على أكمل ما يَقدر عليه العبد.

وابن كَثير يَرَى أن تعظيم الحرمات يكون باجتناب المحرمات، وتعظيم الشعائر يكون بفعل الأوامر مع الإجلال والمحبة والقيام بها وتكميل العبودية على خير وجه.

ومِن تعظيم شعائر الله وحرماته: إكرام الوافدين من الحُجاج والعُمَّار، والتيسير عليهم، وتوفير سُبُل الراحة لهم، وإرشاد ضالهم، وإقالة عثراتهم، والتعاون معهم، والحذر من ظلمهم وإيقاعهم في الحرج والضيق باستغلالهم، وزيادة الأسعار عليهم دون سبب.

ومِن أعظم ما ينبغي تعظيمه من محارم الله وشعائره: المسجد الحرام، وهو موضع الهُدَى والبركة. ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٩٦] وهو البيت الذي دعا الله عباده إلى زيارته، وفَرَض عليهم ذلك مرة، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ


(١) «التسهيل لتأويل التنزيل» (٣/ ٢٣٩) بتصرف، لفضيلة الشيخ مصطفى بن العدوي.

<<  <   >  >>