للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٥٨] وقال تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ أي: بدعائك، على قول.

المطلب الثاني: تخصيص كل شوط بدعاء معين:

لم يَثبت عن النبي دعاء مُعيَّن في الطواف، أو ذِكر مخصوص، سوى التكبير في بداية الطواف. وإنما على الطائف أن يدعو بما تيسر (بالدعاء المطلق) لنفسه ولرحمه وجميع المسلمين. وعلى ذلك تضافرت أقوال العلماء.

قال السرخسي: وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ تَعْيِينَ شَيْءٍ مِنَ الْأَدْعِيَةِ فِي مَشَاهِدِ الْحَجِّ؛ لِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ: التَّوْقِيتُ فِي الدُّعَاءِ يُذْهِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ، فَاسْتَحَبُّوا أَنْ يَدْعُوَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا يَحْضُرُهُ؛ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الْخُشُوعِ (١).

وقال ابن جماعة: اعلم أنه غَلَب على عوام الناس في زماننا- الإعراض في الطواف عن مهمات أدعيتهم؛ بسبب اشتغالهم بأدعية متكلفة غير مأثورة، لا يكون معها خشوع! ويَجتمع لذلك جماعة كثيرة من الرجال والنساء حِلقًا، حَوْل مَنْ يتلقونه منه، ويبالغون في رفع أصواتهم بالدعاء، ويقفون عند الأركان، ويكررون الإشارة إليها بأيديهم، فيشوشون على الطائفين برفع أصواتهم.

فليُتجنَّب ذلك فإنه من أعظم البدع، وليَمْشِ الطائف بسكينة ووقار وأدب وخشوع وتواضع، لا يؤذي مَنْ أمامه بإسراع في المشي، ولا يَحبس مَنْ خَلْفه بوقوف، ولا يَجهر بأذكار الطواف وأدعيته، فيُشوِّش بالجهر على غيره (٢).

فتَبَيَّن من ذلك ضلال ما يفعله بعض المطوفين، من جمع الحُجاج حوله في مجموعات كبيرة، تتحرك دفعة واحدة، مما يؤدي إلى تدافع الطائفين وأذيتهم، ورَفْع الصوت بالدعاء بما يشوش على الطائفين. والله أعلم.

المطلب الثالث: الدعاء عند المُلتزَم:

ذهب جمهور العلماء إلى استحباب الدعاء عند المُلتزَم، وهو ما بين الحَجَر الأسود


(١) «المبسوط» (٤/ ٩).
(٢) «هداية السالك» باختصار (٣/ ٩٩٣).

<<  <   >  >>