للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن المنذر: وأَجْمَعوا على ما ثَبَتَ به الخبر عن النبي في المواقيت (١).

الميقات الخامس: ذات عِرق، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: تعريف ذات عِرق:

هو وادٍ بين جبال، في وَسَطه جبل صغير، وسُمي ذات عِرق لأجله، وهو المسمى الآن: (الضريبة) وهي ميقات أهل العراق وسائر أهل المشرق، ويَبعد عن مكة المكرمة نحو (١٠٠) كيلو متر، وقد خربت.

المطلب الثاني: هل وَقَّته رسول الله ؟ أم وَقَّته عمر

روى البخاري: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ، أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا! قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ (٢).

فظاهر حديث ابن عمر : أن عمر هو الذي وَقَّت ذات عِرق باجتهاد منه.

ولكن يُشكل على حديث ابن عمر أنه ورد في حديث جابر أن النبي هو الذي وَقَّت ذات عِرق لأهل العراق، كباقي المواقيت الأربعة.

فقد رَوَى مسلم: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يُسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ- أَحْسَبُهُ رَفَعه إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ-: « … وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ … » (٣).


(١) «الإجماع» (ص: ٦٤) وكذا نَقَل الإجماع ابن رُشْد في «بداية المجتهد» (٢/ ٨٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٥٣١).
(٣) ورواه أبو الزبير وعطاء، عن جابر.
ورواه عن أبي الزبير جماعة:
الأول: ابن جُريج، قال: أخبرني أبو الزبير، به. أخرجه مسلم (١١٨٣).
وقد اختُلف في صحة هذا الحديث:
فضَعَّفه طائفة من الحفاظ من أجل أن أبا الزبير لم يَجزم برفعه، فقال: (أحسبه رَفَعه إلى النبي .
وبالرغم من أن مسلمًا أخرجه في «صحيحه» إلا أنه أخرجه في آخِر الباب إشارة إلى إعلاله.
وقد نص مسلم على إعلاله بقوله: فأما الأحاديث أن النبي وَقَّت لأهل العراق (ذات عِرق) فليس منها واحد يَثبت. «التمييز» (ص: ٢١٤).
وقال المُعَلِّمي اليماني: عادة مسلم أن يُرتِّب روايات الحديث بحَسَب قوتها، يُقَدِّم الأصح فالأصح. =

<<  <   >  >>