للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الخطأ في زمن الوقوف. وفيه مطلبان]

[المطلب الأول: الخطأ في زمن الوقوف بالتقديم]

إِنْ أخطأ الناس جميعًا فوقفوا يوم الثامن وهو يوم التروية؛ ظنًّا منهم أنه التاسع، فإنه لا يجزئ؛ وذلك لأن التدارك ممكن في الجملة بأن يزول الاشتباه في يوم عرفة. وهذا مذهب الحنفية، والمالكية في المشهور، والشافعية (١).

[المطلب الثاني: الخطأ في زمن الوقوف بالتأخير]

إذا كان الخطأ في التأخير بأن أخطأ الناس، فوقفوا يوم النحر، فحجهم صحيح (٢).

واستدل لذلك بقول النبي : «الصوم يوم تصومون، والأضحى يوم تُضَحُّون».

لو أخطأ أهل الموقف بأن لم يروا الهلال لعذر من غيم ونحوه، فأَتَموا عدة ذي القعدة، ووقفوا في اليوم العاشر في اعتقادهم أنه التاسع، فإنه يجزئهم ولا قضاء عليهم؛ لعموم قول النبي : « … فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (٣).

واستدلوا بعموم قول النبي : «يَوْمُ عَرَفَةَ الْيَوْمُ الَّذِي يُعْرَفُ فِيهِ النَّاسُ» (٤).

وأما المعقول، فإن في القول بعدم الإجزاء حرجًا شديدًا؛ لأن فيه بَلْوَى عامة لِتَعَذُّر الاحتراز عنه، والتدارك غَيْر مُمْكِن، وفي الأمر بقضاء الحجيج كلهم حَرَجٌ بَيِّن (٥).


(١) «المبسوط» (٤/ ٥١)، و «الذخيرة» (٣/ ٢٥٩)، و «المجموع» (٨/ ٢٩٣).
(٢) قال النووي: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا غَلِطُوا، فَوَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ وَهُمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ عَلَى الْعَادَةِ، أَجْزَأَهُمْ. «المجموع» (٨/ ٢٩٣).
(٣) أخرجه البخاري (١٩٠٩)، ومسلم (١٠٨٠).
(٤) ضعيف: أخرجه أبو داود في «المراسيل» (١٤٩) من طريق العَوَّام، عن السَّفَّاح، عن عبد العزيز، به.
وقد أُعِل هذا السند بثلاث علل:
الأولى: الإرسال؛ فإن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد تابعي، لم يُدرِك زمن النبي .
والثانية: السَّفَّاح بن مطر، وهو مجهول، لم يوثقه غير ابن حِبان.
والثالثة: هُشيم- وهو ابن بَشير- مدلس، وقد عنعن.
وله شاهد عن زيد بن طلحة التَّيْمِيّ مرفوعًا: «عَرَفَةُ يَوْمَ يُعْرَفُ النَّاسُ» لا يُفْرَح به، رواه الدارقطني (٢٤٤٤) وفي إسناده الواقدي وهو متروك، وزيد بن طلحة تابعي، فهو مرسل.
وله شاهد عن عائشة لا يصح، انظر «فقه الصيام» (ص: ٨٦).
(٥) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٦١٨).

<<  <   >  >>