للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث: أن يَدفع ملبيًا، ذاكرًا لله ﷿-:

يُستحب للحاج أن يَدفع من عرفة ملبيًا ذاكرًا لله تعالى؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٨] (١).

ويُستحب للحاج أن يُكْثِر من التلبية؛ لِما ورد في «الصحيحين»: عَنِ الفَضْلِ قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ.

المبحث الرابع: يُستحب للحاج أن يُكْثِر من الاستغفار؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٩] ولأنه في هذا الموقف يكون قَبول التوبة والاستغفار.

المبحث الخامس: يُستحب للحاج عند الدفع إلى مزدلفة ألا يَقعد إلا إذا احتاج الأمر لذلك؛ ففي «الصحيحين»: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ الشِّعْبَ الأَيْسَرَ، الَّذِي دُونَ المُزْدَلِفَةِ، أَنَاخَ فَبَالَ (٢). فالرسول لم يجلس في الدفع من عرفة إلى مزدلفة، وإنما قضى حاجته فقط.

ولكن يشكل عليه ما رُوي عن الشَّرِيد بن سُويد قال: «أَشْهَدُ لَوَقَفْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ بِعَرَفَاتٍ». قَالَ: «فَمَا مَسَّتْ قَدَمَاهُ الْأَرْضَ حَتَّى أَتَى جَمْعًا» (٣). ونوقش بأنه ضعيف.

المبحث السادس: حُسْن أخلاق النبي وتواضعه حين الدفع من عرفة إلى مزدلفة:

يدل على تواضع الرسول أنه كان يُردف خلفه أسامة حين الدفع من عرفة إلى مزدلفة. ولذا ينبغي للحاج أن يُحَسِّن أخلاقه ويتواضع ويساعد المحتاجين.


(١) قال ابن قُدامة: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى يُسْتَحَبُّ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، وَهُوَ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَشَدُّ تَأْكِيدًا؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهِ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٨] وَلِأَنَّهُ زَمَنُ الِاسْتِشْعَارِ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَالتَّلَبُّسِ بِعِبَادَتِهِ، وَالسَّعْيِ إِلَى شَعَائِرِهِ. «المغني» (٥/ ٢٧٧).
(٢) البخاري (١٦٦٩)، ومسلم (١٢٨٠).
(٣) ضعيف: أخرجه أحمد (١٩٤٦٥) وغيره. وفي إسناده يعقوب بن عاصم، روى عن ابن عمر والشَّريد وغيرهما. وروى عنه إبراهيم بن ميسرة ويعلى بن عطار وغيرهما، وذَكَره ابن حِبان في «الثقات» وتَبِعه الذهبي. وروى له مسلم وأبو داود والنَّسَائي، وقال الحافظ: (مقبول) أي: لَيِّن الحديث. قلت: وهو إلى الضعف أقرب، ولا يَتحمل مثل هذا المتن، والله أعلم.

<<  <   >  >>