للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح: أن عمر هو الذي وَقَّت (ذات عِرق) لأهل العراق. ولم يصح أن رسول الله هو الذي وَقَّت (ذات عِرق) لأهل العراق.

[المطلب الثالث: ميقات أهل العراق]

أَجْمَعَ العلماء على أن (ذات عِرق) ميقات أهل العراق (١).

واختلفوا في المكان الذي يُستحب أن يُحْرِم منه مَنْ أتى العراق على قولين:

القول الأول: أن مِيقات العراق (ذات عِرق). وبه قال الحنفية والمالكية والحنابلة (٢).

واستدلوا بالسُّنة والمأثور والإجماع والمعقول:

أما السُّنة، فعن جابر مرفوعًا: «وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ».

وأما المأثور، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ، أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ.

وأما الإجماع، فقال الحَطَّاب: وَإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى مَا فَعَلَهُ عُمَرُ .

وأما المعقول، فَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ إذَا جَاوَزُوا الْعَقِيقَ وَأَحْرَمُوا مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، فَإِنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ كَانَ الْعَقِيقُ مِيقَاتًا لَهُمْ لَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ (٣).

القول الثاني: استحباب الإحرام من العقيق لأهل المشرق. وهذا مذهب الشافعية، وبعض الحنفية، وبعض المالكية (٤).


(١) «التمهيد» (١٥/ ١٤٣)، و «المغني» (٥/ ٥٧).
(٢) «البناية» (٤/ ١٥٨)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٧)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٤٥)، و «المغني» (٥/ ٥٧).
(٣) «مواهب الجليل» (٣/ ٣٣).
(٤) العقيق: وادٍ وراء ذات عِرق مما يلي المشرق، عن يسار الذاهب من ناحية العراق إلى مكة، ويُشْرِف عليها جبل عِرق. والعقيق: كلّ وادٍ نَسَفَتْهُ السُّيول، يقال لكل مسيل ماء شقه السيل، فأَنْهَره ووَسَّعه: عقيق. «معجم البلدان» (٤/ ١٣٨).
وقال الشافعي: (لو أهلوا من العقيق كان أحب إليَّ) «الأم» (٣/ ٣٤٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٤٧٥)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٧).

<<  <   >  >>