للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الإجماع منخرم؛ فقد نُقِل عن مالك: لا يرميها إلا مِنْ أسفلها (١).

السُّنة الثامنة: الوقوف عند الجمرة الأولى (الصغرى) والثانية (الوسطى) وقوفًا طويلًا، بعد رمي كل منهما للدعاء، ولا يقف عند جمرة العقبة الكبرى.

روى البخاري: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الوُسْطَى، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، فَيَقُومُ طَوِيلًا، وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُومُ طَوِيلًا، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ العَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَفْعَلُهُ (٢).

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الأُولَى، وَالثَّانِيَةِ، فَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا (٣).

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَفَضْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ، فَرَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَاسْتَبْطَنَ الْوَادِيَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا. ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صَنَعَ (٤).


(١) قال الحَطَّاب: فِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَرْمِيهَا إلَّا مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ. «مواهب الجليل» (٣/ ١٢٦)، ونُقِل عن بعض الشافعية أن رمي الجمار من أعلاها باطل. «مغني المحتاج» (٢/ ٢٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٧٥١).
(٣) إسناده حسن: أخرجه أبو داود (١٩٧٣)، وأحمد (٢٤٥٩٢)، وغيرهما من طريق: مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبدِ الرَّحمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهِ.
وقد صَرَّح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن حِبان (٣٨٦٨) فانتفت شبهة تدليسه.
وقول عائشة: أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى.
(٤) منكر بذكر الدعاء: أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٢١٣) واللفظ له، وأحمد (٤٠٦١).
وفي إسناده ليث، وهو إلى الضعف أقرب، وقد تفرد بذكر هذا الدعاء، وقد خالفه الثقات الأثبات، فقد ورد من طرق كثيرة عن عبد الرحمن بن يزيد، به، دون ذكر هذا الدعاء، كما في «الصحيحين».

<<  <   >  >>