للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: إِذْن صاحب العمل:

العامل لا يخلو أثناء الحج من خَمْس حالات:

الأولى: إذا كان العُرف جاريًا بأن وقت الحج إجازة، فللعامل أن يحج بلا استئذان.

الثانية: للعامل أن يحج في وقت العمل إذا أَذِن له صاحب العمل.

الثالثة: إذا كان العمل مطلوبًا وقت الحج، ولا يمكن تركه لِما يترتب عليه من الإضرار بمصلحة المسلمين أو الإخلال بالأمن، فإنه لا يَجوز له الحج في هذه الحال.

الرابعة: مَنْ أراد حج الفريضة وكان بينهما عقد يُلزِمه بالعمل في أيام الحج، ويَحصل بذَهابه ضرر كبير، فإنه يَستأذن منه، فإِنْ أَذِن له وإلا وجب عليه الوفاء بالعقد؛ لعموم قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١].

الخامسة: أن لا يأذن صاحب العمل له بحج الفريضة، ولا يوجد ضرر من تركه العمل، فلا يُشترَط إذنه؛ لأنه إذا كان الوالدان ليس لهما منع الولد المُكلَّف من الحج الواجب، وليس للولد طاعتهما في تركه، فصاحب العمل أَوْلى، ولا سيما والحج من مقاصد العامل في بلد الحرمين.

[المبحث العاشر: اختيار الرفيق الصالح]

يُستحب للمرء أن يَطلب رفيقًا نقيًّا تقيًّا، راغبًا في الخير كارهًا للشر، وأن يكون على علم شرعي، وعلى تقوى لله ﷿ لأن مِثل هذا يُعِينه على طاعة الله سبحانه.

والله أوصى بالإحسان إلى الرفيق في السفر، فقال: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦]. وروى البخاري: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» (١).

ومِن حُسن المُرافَقة: المُوافَقة فيما لا يُخالِف الشرع، فإذا رأى ما يَكره فلا يَنشره (٢).


(١) البخاري (٢٩٩٨).
(٢) قال مالك: كان يقال في الزمان الأول إذا أثنى الرجل على الرجل: أَصِحَبْتَه في سفر؟ أشاركتَه في مال؟ قال: فإن قال: لا. قيل له: فلا تُثْنِ عليه. «البيان والتحصيل» (١٨/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>