للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَأْخُذَ الْحَصَى مِنْ مُزْدَلِفَةَ. وَعَلَيْهِ فِعْلُ الْمُسْلِمِينَ (١).

المطلب الثاني: حُكْم الرمي بحجر قد رُمي به على جهة التعبد.

اختَلف أهل العلم في حُكم الرمي بحجر قد رُمي به على جهة التعبد على قولين:

القول الأول: جواز الرمي بحجر قد رُمي به من قبل، وإن كان الأَوْلَى تَرْكه. وهو مذهب الحنفية، والصحيح عند المالكية، والشافعية، وبعض الحنابلة (٢).

واستدلوا بحديث جابر، وفيه: «حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ». ولأن العبرة هي الرمي بحجر، وقد وُجد، استُعمل أو لم يُستعمل.

القول الآخَر: أن الرمي بحجر قد رُمي به لا يجزئ. وهو قول للمالكية، والمُزَني من الشافعية، والحنابلة (٣).

واستدلوا بما روى أبو سعيد قال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ الْجِمَارُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا كُلَّ عَامٍ، فَنَحْتَسِبُ أَنَّهَا تَنْقُصُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتَهَا أَمْثَالَ الْجِبَالِ» (٤). فكيف يُرمى بحجر لم يُقبل مرة أخرى؟!

والراجح: جواز الرمي بحجر قد رُمي به، مع أن الأفضل التقاط الجمار كما فَعَل النبي ، والحصيات التي تكون عند الجمرات قد سقطت أثناء الرمي، فيجوز الرمي بها.

السُّنة الثانية: أن يكون الرمي بمثل حصى الخَذْف:

فيُستحب أن يكون الرمي بمثل حصى الخَذْف. وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (٥).

واستدلوا بحديث جابر وفيه: «حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٥٦).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٦٧٠)، و «المُدوَّنة» (٢/ ٤٢٢)، و «الأُم» (٢/ ٢١٣)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٦).
(٣) «الكافي» (ص: ١٤٦)، و «المجموع» (٨/ ١٨٥)، و «المغني» (٥/ ٢٩٠).
(٤) خرجه الدارقطني (٢٧٨٩) وإسناده ضعيف لضعف يزيد بن سِنَان.
(٥) «تبيين الحقائق» (٢/ ٣٠)، و «الكافي» (١/ ٣٧٥)، و «المجموع» (٨/ ١٨٣)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤٩٩).

<<  <   >  >>